ولو لم يكن بعد انتهاء عملهم إلى زمان الحجّة ؛ فإنّ الإجماع العملي ليس كالإجماع القولي حتّى يقدح فيه مطلق الخلاف على بعض وجوه تقريره كاللّطف أو الحدس في وجه ، أو مخالفة مجهول النّسب على طريقة الدّخول بعد فرض انتهاء العمل إلى زمان المعصوم واجتماع شروط التّقرير.
نعم ، فيما يجعل الإجماع العملي كاشفا عن الإجماع القولي واتّفاق المجمعين في الآراء جرى فيه ما يجري في الإجماع القولي.
وأمّا جمع الشّيخ رحمهالله بين الأخبار المتعارضة على وجه يقتضي ابتناءه على مجرّد الإمكان العقلي فليس مبنى عمله قطعا ، بل الوجه فيه ما ذكره في أوّل كتابه :
من ابتنائه على مجرّد الاحتمال بحسب الواقع لئلاّ يشكل الأمر على ضعفاء النّفوس من كثرة ما يشاهدون من التّعارض بين الأخبار.
وأمّا ما ذكره الشّيخ ابن أبي جمهور : من دعوى الإجماع على تقديم الجمع على الطّرح مهما أمكن ، فقد عرفت : منع ظهوره في الإمكان العقلي ، مع أنّه على تقدير الظّهور لا يصدّق في دعواه ؛ إذ غاية ما يسلّم كون المسألة خلافيّة. وأمّا الإجماع على تقديم الجمع بقول مطلق على الطّرح فممنوع جدّا فتأمّل (١).
الرّابع : لزوم الهرج والمرج في الفقه وإحداث فقه جديد يعلم بعدم ثبوته من الشّارع واللّزوم بعد ملاحظة كثرة المتعارضات وفتاوى الأصحاب في
__________________
(١) الوجه في التأمّل : عدم الجزم بالإجماع العملي مع ما يشاهد من مسلكهم في مقام التعرض في الفقه ؛ فإن الظاهر من غير واحد تقديم الجمع على الطرح مطلقا فتدبّر. منه دام ظلّه العالي.