ما يستدلّ به للجمع في البيّنات والمناقشة فيه
وكيف كان : يستدلّ للجمع في البيّنات بوجهين :
أحدهما : استفادته من جملة من الأخبار الحاكمة بالتّنصيف في الموارد الخاصّة بمعونته تنقيح المناط منها.
ثانيهما : كون التّنصيف في البيّنات والعمل بكلّ من البيّنتين ـ في بعض ما شهدت به وأخبرت عنه ـ جمع بين الحقّين من غير ترجيح بالدّواعي النّفسانيّة الغير المرجّحة شرعا وتخيير لا دليل عليه في وجه ومناف لشرع الفقهاء في وجه آخر.
فإن شئت قلت : إنّ الأمر دائر بين أمور كلّها باطلة سوى التّنصيف ؛ لأنّ الأمر لا يخلو : من أنّه إمّا أن يحكم بترك العمل بالبيّنتين ، أو يحكم بالعمل بإحداهما المعيّن ، أو يحكم بإحداهما لا على التّعيين بمعنى التّخيير ، أو يحكم بالتّنصيف بالمعنى الّذي عرفته. وغير الأخير باطل فيتعيّن ؛ إذ لا وجه آخر بعد فرض تعارضهما وعدم إمكان العمل بكلّ واحدة في تمام المشهود به.
أمّا بطلان الأوّل : فلأنّه مناف لتشريع القضاء وموجب لإبطال الحقوق.
وأمّا بطلان الثّاني : فلفرض مساواة البيّنتين من حيث المرجّحات المعتبرة شرعا وبطلان التّرجيح بغيرها بعد فرض عدم اعتبارها فيؤول الأمر حقيقة إلى التّرجيح والتّعيين من غير مرجّح ومعيّن وهو واضح البطلان.
وأمّا الثّالث : فلأنّ تخيير الحاكم لا دليل عليه في المقام ؛ لعدم كون التّعارض