والاشتباه في الحكم الشّرعي ولو في طريق فصل الخصومة والقضاء ، وتخيير المتخاصمين مناف لتشريع القضاء ونقض لغرضه وموجب للهرج والمرج ، بل أشدّ منه ؛ لأنّ كلاّ من المتخاصمين يختار العمل ببيّنته هذا.
وأنت خبير بما في الوجهين :
أمّا الأوّل : فلأنّه قياس لا نقول به ؛ فإنّ القطعي منه ممنوع ، والظّني منه على تقدير تسليمه يرجع إلى القياس الممنوع.
وأمّا الثّاني : فلأنّه استحسان واعتبار محض فيرجع إلى ما يمنع منه ، وأمّا ما ذكر في تقريبه : من قضيّة التّرديد والدّوران ففيه : أنّ الحكم بتساقطهما والرّجوع إلى ميزان آخر من اليمين وغيرها لا يوجب محذورا أصلا ، مع أنّ هنا أمرا آخر غير ما ذكر وهو الرّجوع إلى القرعة بمقتضى عموم ما قضي بها لكلّ أمر مشكل.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر : أنّه يمكن القول بالجمع بين البيّنات بالنّظر إلى الوجهين وإن قيل بعدمه في الأخبار ؛ نظرا إلى ما عرفت : من تضعيف تحكيم أدلّة الصّدور على دليل الظّهور ، كما أنّه يمكن العكس ، وأمّا توهين الجمع في البيّنات بلزوم التّبعيض في الصّدق والكذب بالنّسبة إلى خبر واحد ، فقد عرفت : أنّه استبعاد محض ، فلو كان هناك دليل عليه لقلنا به كما قلنا فيما قام الدّليل فيه على التّنصيف ، وقلنا به في العامّين من وجه أيضا في تعارض الأخبار فيما لم يكن هناك قوّة لأحد العامّين ؛ فإنّ المختار وفاقا للمشهور الحكم بالطّرح في مادّة التّعارض ترجيحا أو تخييرا ، بل في العام والخاصّ أيضا فيما كانا متكافئين بحسب الدّلالة إذا اختار العمل بالخاصّ لأحد الوجهين.
ولا يتوجّه عليه ما توهّم : من التّبعيض في الصّدق والكذب ، بل اللاّزم هو