لم نرجّح بالأصل ) (١) وإن لم يكن هناك أصل على طبق أحدهما فيحكم بالتّخيير والأخذ بمفادهما ، كما لو علم بعدم الثّالث فهو تخيير عقليّ بين الاحتمالين من سنخ التّخيير في دوران الأمر بين الوجوب والتّحريم ؛ فإنّ مسألتنا أعمّ من تلك المسألة من جهات وإن كانت تلك المسألة أعمّ من مسألتنا من جهة ، فالنّتيجة إذن التّوقف البرزخ بين التّساقط عن رأس وبقول مطلق ، والحجيّة بالنّسبة إلى مورد التّعارض كما هو الثّابت على السّببيّة المحضة على ما عرفت شرح القول فيه ، فالعمل بالتّساقط ساقط على كلّ وجه وقول.
فإن قلت : نفي الثّالث على ما ذكرت إنّما هو من باب اللّزوم ودلالة كلّ من المتعارضين على ما ينافيه وليس مدلولا مستقلاّ لهما يراعى مع انتفاء ما يلزمه ، ومن المعلوم ضرورة قضاء التّبعيّة واللّزوم انتفاء اللاّزم مع انتفاء الملزوم فلا مناص من القول بالتّساقط والرّجوع إلى الأصل مطلقا ، ولو كان هو التّخيير في المسألة الفرعيّة إذا فرض دوران الأمر بين المحذورين.
قلت : ما ذكر : من كون الدّلالة على نفي الثّالث بالدّلالة التّبعيّة واللّزوم مسلّم لا شبهة فيه ، إلاّ أنّ الدّلالة التبعيّة تابعة للدّلالة الأصليّة بحسب الوجود لا بحسب الاعتبار ، والحكم من جهتها بثبوت المدلول. ومن هنا يحكم بالمسألة الفرعيّة ممّا دلّ على المسألة الأصوليّة الاعتقاديّة أو اللّغويّة على القول بعدم حجيّة خبر الواحد فيهما.
والحاصل : أنّ التّفكيك بحسب الاعتبار ممّا لا غبار فيه أصلا بعد فرض
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٨.