فيتوجّه عليه ـ مضافا إلى بطلان التّصويب عندنا ـ : بأنّه كيف يتصوّر التزاحم بين الخبر الدّال على وجوب شيء والخبر الدّالّ على حرمته مثلا مع امتناع اشتمال الشّيء الواحد على جهتي الوجوب والحرمة واجتماع الحكمين مع تضادّهما ولو على القول بجواز اجتماع الأمر والنّهي ؛ لانتفاء الحيثيّة التّقييديّة المجوّزة على القول بالجواز كما هو واضح. وقد عرفت : أنّ التّخيير بين المتزاحمين راجع إلى التّعيين حقيقة. فإن شئت قلت : إنّ عدم إمكان الاجتماع في مورد التّعارض ليس مستندا إلى قصور المكلّف ، بل مستند إلى المتعارضين فلا معنى لإلحاق المقام بالمتزاحمين.
وإن لوحظت بالنّسبة إلى الحكم الظّاهري ـ كما هو مقتضى قوله قدسسره : ( هذا كلّه على تقدير أن يكون العمل بالخبر من باب السّببيّة ، بأن يكون قيام الخبر على وجوب شيء واقعا ، سببا شرعيّا لوجوبه ظاهرا على المكلّف ... إلى آخر ما أفاده ) (١).
ـ فيتوجّه عليها : أنّ مرجع السّببيّة بهذا المعنى ـ كما ترى ـ إلى القول بحجيّة الأخبار من باب التّعبّد الشّرعي كالأصول العمليّة فيلحقها حكم الأصول ، ومن المعلوم الّذي قد سبق القول فيه منّا ومن شيخنا العلاّمة قدسسره في أجزاء « الكتاب » وأجزاء التّعليقة مرارا : أنّه لا مقتضي للسّببيّة بالمعنى المذكور مع العلم الإجمالي بالمخالفة للواقع لشيء من المتعارضين ، فلا معنى للتّخيير الّذي عرفته في المتزاحمين كما أنّه لا معنى للتّخيير بين الأصلين المتعارضين فيما يفرض
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٣٧.