الخبرين في مقام الحيرة والجهالة.
ويتوجّه عليه : أنّ المقبولة وأشباهها نصّ في ترك العمل بالخبرين من حيث عدم وجود التّرجيح لأحدهما ، فالمراد من المقبولة ونحوها اختصاص الحجيّة والعمل بصورة وجود المرجّح هذا. مع أنّ العامل بأحد الخبرين يفتي بمضمونه كالعامل بأحدهما من جهة التّرجيح من غير فرق بينهما ؛ إذ ليس التّخيير في المسألة الأصوليّة كالتّخيير في المسألة الفرعيّة وسائر الأصول.
وبالجملة : هذا الجمع أيضا لا يساعده الأخبار ، مضافا إلى ما عرفت في الجزء الثّاني من التّعليقة : من أنّ لازم التّوقف الاحتياط بحسب العمل فيما أمكن.
نعم ، ظاهر المقبولة ونحوها ترك العمل بالخبرين والإرجاء إلى السؤال ، لكنّه محمول على ما عرفت من رجحان ذلك لا لزومه.
ثمّ إنّ هنا جمعا رابعا وهو : حمل أخبار التّخيير على ما لا يمكن فيه الاحتياط كدوران الأمر بين المحذورين ، وما دلّ على التّوقّف على صورة إمكان الاحتياط من حيث كونه نصّا فيها ذكره غير واحد. وهو ضعيف ؛ لورود بعض أخبار التّخيير فيما أمكن فيه الاحتياط ، كضعف حمل أخبار التّوقّف على حقوق النّاس وأخبار التّخيير على حقوق الله كما عن الأسترآبادي في « الفوائد المدنيّة » (١) وغيره ؛ من جهة توهّم ورود المقبولة في حقوق النّاس أو حملها على ما لا يضطرّ إلى العمل ، وحمل أخبار التّخيير على ما يضطرّ إلى العمل كما عن ابن
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ( الفائدة الرابعة من الفصل التاسع ) ـ ٣٩٠