وقع للمجتهد كان مخيّرا في عمل نفسه ) (١) فإنّه يوهم كون الحكم نظريّا قابلا للخلاف.
وأمّا ما أفاده بالنّسبة إلى المجتهد في مقام الإفتاء فيوجّه بما في « الكتاب » وغيره : بأنّ التّخيير بين الخبرين تخيير في المسألة الأصوليّة وفي طريق الاستنباط فهو يغاير التّخيير في المسألة الفرعيّة كالتّخيير الواقعي بين القصر والتّمام في المواطن الأربعة والظّاهري كدوران الأمر بين الوجوب والتّحريم ، أو خصال الكفارة إذا اقتضى الجمع بين الأخبار : التّخيير بين الكفّارات ظاهرا ، وهكذا حيث يفتي بالتّخيير في هذه.
والفرق : أنّ الخطاب في المسألة الأصوليّة متوجّه بالمستنبط والمجتهد كخطاب الحدود المتوجّه إلى الحكّام ، وخطاب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر المتوجّه إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليهالسلام في زعم بعض فلا تعلّق لهذا الحكم المستنبط من أخبار العلاج بالعامي ، وهذا بخلاف الحكم الفرعي ؛ فإنّ موضوعه فعل المكلّف الأعمّ من المجتهد والعامي فالخطاب مشترك بينهما.
فإن شئت قلت : إنّ الخطاب بالتّخيير كالخطاب بالتّرجيح ، فكما أنّ الثّاني مختصّ بمن يعالج تعارض الأخبار ولا يشمل غيره ، كذلك الأوّل مختصّ به ؛ لأنّه نوع من العلاج أيضا. ومن هنا يحكم بتقديم نظر المجتهد فيما لو خالفه العامي في التّرجيح فزعم مرجوحيّة ما زعم المجتهد رجحانه كأفضليّة من زعمه المفتي مفضولا من حيث صفات الرّاوي ولو كان المقلّد من أهل الخبرة بالرّجال وهكذا
__________________
(١) المصدر السابق : ج ٤ / ٤١.