الاختصاص والتّعين عرضيّ لا يمنع من الحكم بعموم أصل الحكم بحسب الورود في الشّرع ، وهو من هذه الجهة نظير استنباط الحكم الفرعي من الأدلّة ؛ فإنّه مختصّ بالمجتهد وإن كان الحكم المستنبط يعمّ المجتهد والعامي.
لأنّا نقول : ما ذكر أخيرا : من عدم كون الاختصاص ذاتيّا بل عرضيّا من جهة طروّ العجز للعامي ، وأنّ عوام زمان الحضور يعملون بالأخبار كما يعملون بالفتاوى أمر مسلّم ، ويكفي فارقا بين المسألتين هذا الاختصاص العرضي ، وأمّا تنظير المقام بالحكم الفرعي المستنبط فهو فاسد جدّا ، فإنّه إذا عرض على العامي الحكم الأصولي المستنبط من الأدلّة كوجوب العمل بخبر العادل مثلا ، أو لزوم تقديم الرّاجح من المتعارضين ، أو التّخيير بين المتعادلين لا يقدر على العمل به وهذا بخلاف الحكم الفرعي المستنبط من الأدلة كالتّخيير بين الحمد والتّسبيحات في الأخيرتين مثلا ، أو كفاية تسبيحة واحدة في الرّكوع والسّجود ، أو البناء على الأكثر في الشّك في الرّباعيّة وفعل الاحتياط بعد الصّلاة على التّفصيل المذكور في محلّه ؛ فإنّ العمل به مشترك بين العالم والعامي.
نعم ، بعد تشخيص معنى الخبر الخاصّ وترجمته للعامي ودفع معارضاته بعد الفحص يجوز للمجتهد أن يأمر العامي بالعمل به ، إلاّ أنّه في الحقيقة راجع إلى التّقليد في الفروع ؛ لأنّ الحكم الأصولي هو الحكم الكلّي المتعلّق بخبر العادل كلّية مثلا.
والحاصل : أنّه لا بدّ من أن يلاحظ الحكم الشّرعي الكلّي المستنبط من الدّليل ؛ فإن انتفع به العامي فهو فرعيّ ، وإلاّ فأصوليّ مختصّ بالمجتهد بالعرض هذا حاصل ما يقال في توجيه ما ذهب إليه المشهور مع توضيح منّا.