( لا تقض في الشّيء الواحد بحكمين مختلفين ) (١).
ولعلّ مراده قدسسره ، من هذا الاستدلال بعدم المانع من حكم العقل بعد إحراز المقتضي في حكم الشّارع ولو باستصحاب التّخيير ، أو حجيّة الخبر الآخر الرّاجع إلى الاستصحاب الأوّل حقيقة ، وإلاّ فمجرّد الإمكان وعدم المانع في حكم العقل وعدم استبعاد الوقوع بالنّظر إلى نوع العدول وإن لم يكن من سنخ المقام لا يجدي شيئا ، مع كون مقتضى الأصل الثّابت بالأدلّة الأربعة عند الشّك في الحجيّة الحكم بعدمها ـ حسبما عرفت في مطاوي أجزاء التّعليقة سيّما الجزء الأوّل وستعرفه ـ من غير فرق بين الشّك في الحجيّة الشأنيّة أو الفعليّة كما في المقام.
ثمّ إنّ مقتضى الأصل الأوّلي في المسألة على ما عرفت الإشارة إليه هو التّخيير الابتدائي ، إنّما الكلام فيما يكون واردا عليه من الأصول أو الأدلّة ، فنقول :
قد يقال ـ بل قيل بل هو المعروف ـ : أنّ مقتضى الأصل الثّانوي الوارد على الأصل المذكور في وجه أو الحاكم عليه في وجه آخر ـ عرفتهما عند الكلام في تأسيس الأصل فيما لم يعلم حجيّته في الجزء الأوّل من « الكتاب » والتّعليقة ـ : هو التّخيير الاستمراري ؛ نظرا إلى استصحاب التّخيير الثّابت في أوّل الأمر أو استصحاب حجيّة المطروح فإنه كان حجّة كمعارضة قبل الأخذ قطعا ، كما هو مقتضى التّخيير بينهما والأصل بقاؤها وإن كان الشّك فيها مسبّبا عن الشّك في بقاء التّخيير بل راجعا إليه باعتبار فتأمّل.
__________________
(١) نهاية الوصول : ٤٥٠ وحكاه عنه السيّد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٦٨٢ ولفظ الحديث هكذا : « لا يقضي أحد في أمر بقضاءين » ، انظر كنز العمّال : ج ٦ / ١٠٣ ـ ح ١٥٠٤١.