ولا يعارضه استصحاب الحكم المدلول المختار ؛ فإنّ الشّك في صيرورته حكما للمكلّف بقول مطلق وعلى كلّ تقدير مسبّب عن الشّك في جواز العدول وبقاء التّخيير ، فلا يعارض الأصل المقتضي لبقائه.
فإن شئت قلت : إنّ المستصحب إن كان تعيين المأخوذ بالأخذ فالشّك في حدوثه لا بقائه ، وإن كان الحكم الفرعي الظّاهري المترتّب على الأخذ فالشّك في بقائه مسبّب عن الشّك في بقاء التّخيير واستصحابه حاكم على استصحابه.
نعم ، ربّما يناقش في الأصلين برجوع الشّك فيهما إلى الشّك في المقتضي ، أو بأنّ الموضوع غير معلوم البقاء فيهما فالمرجع هو الأصل الأوّلي. ومن هنا قال في « الكتاب » : ( واستصحاب التّخيير غير جار ؛ لأنّ الثّابت سابقا ثبوت الاختيار لمن لم يختر ... إلى آخر ما أفاده ) (١).
اللهمّ إلاّ أن نقول : بكفاية المسامحة في إحراز موضوع المستصحب ومعروضه. وقد تقدّم الكلام وشرح القول فيه في الجزء الثّالث من التّعليقة فراجع إليه هذا حاصل ما قيل في بيان الأصل الثّانوي.
وأمّا الكلام في الدّليل المقتضي لأحدهما فملخّصه :
أنّه قد استدلّ للاستمرار بإطلاق ما دلّ على التّخيير ؛ فإنّه يشمل بعد الأخذ ، وناقشه شيخنا الأستاذ العلاّمة في « الكتاب » : بكونها مسوقة لبيان وظيفة المتحيّر في ابتداء الأمر فلا إطلاق لها بالنّسبة إلى الأخذ ، وبعبارة أخرى : المسؤول عنه في الأخبار : حكم من اتّفق له التّعادل وأنّ وظيفته ما هي؟ فالجواب : بأنّه مخيّر في
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٤٤.