الفحص ومحلّه على سبيل القضيّة الكلّيّة : ما إذا تعلّق الخطاب بالشّيء الواقعي لا أنّ مجرّد تعلّقه به يقتضي وجوب الفحص عنه.
فقد تبيّن ممّا ذكرنا كلّه : أنّ التّعلّق في المقام بإطلاق أخبار التّخيير لا مساسة له أصلا ، وإنّما يجوز التّعلّق به فيما شكّ في أصل وجوب التّرجيح ؛ فإنّ الكلام في وجوب الفحص عمّا قيّد به الإطلاق بحسب الخارج فلا يجوز التّمسّك بشيء منهما نفيا وإثباتا إلاّ بضميمة ما أشرنا إليه على تقدير تسليمه ، كما أنّه لا مساسة للتّعلّق بحكم العقل بالتّخيير في المقام حتّى يجاب عنه بما في « الكتاب » من عدم حكمه به إلاّ بعد إحراز التّسوية ، فلا جدوى للأصل في المقام ، مضافا إلى كونه من الأصل في الشّبهة الحكميّة وإن كان شكّا في الموضوع ابتداء ؛ لما أسمعناك : من مغايرة باب التّزاحم لباب التّعارض الّذي يعتبر فيه التّرجيح ، مضافا إلى ما عرفت من كون التّخيير في الأوّل راجعا إلى حكم الشّرع حقيقة لا إلى حكم العقل كما في التّخيير بين دوران الأمر بين المحذورين.
نعم ، هنا كلام في أنّه إذا شكّ في أهميّة أحد المتزاحمين بخصوصه هل يحكم بالتّخيير أم لا؟ أقواهما الثّاني ؛ نظرا إلى عدم العلم بوجود الخطاب المزاحم وسيجيء شرح القول فيه ، لكنّه لا دخل له بالشّك في وجود المرجّح لأحد المتعارضين المفروض في محلّ البحث.
وكيف كان : يستدلّ لوجوب الفحص كما في « الكتاب » بعد الأصل بالتّقرير الّذي عرفته بوجوه :
الأوّل : ما دلّ على وجوب التّرجيح بالتّقريب الّذي ذكره شيخنا العلاّمة قدسسره في « الكتاب » بانضمام المقدّمة الّتي عرفتها.