ولكن يمكن أن يقال بعدم ثبوت اصطلاح لهم في المقام أصلا ، وأنّ تعريف تعارض الدّليلين بما ذكروه إنّما هو من جهة اقتضاء إضافته إليهما مع بقائه على المعنى اللّغوي والعرفي ؛ فإنّ حمل التّقابل والتّمانع على الدّليلين ينتج إرادة تنافيهما فلا حاجة إلى الالتزام بالنّقل ، كما أنّ إرادة التّنافي وذكره ، يغني عن ذكر قولهم على وجه التّناقض ، أو التّضاد ؛ إذ التّنافي لا يتحقّق إلاّ بأحد الوجهين ، اللهمّ إلاّ أن يكون المراد من ذكره مجرّد التّوضيح لا الاحتراز وهذا هو الأظهر.
ثمّ إنّ الوجه في تنافي الضّدين واستحالة اجتماعهما (١) لمّا كان من جهة
__________________
به من باب الوصف بحال المتعلّق ، فحينئذ التعارض عندهم وصف لهما بحالهما قائم بأنفسهما ولا ينافي ذلك كون المنشأ تنافي المدلولين لسراية التنافي إليهما بما هما دليلان أيضا ، فلا تغفل » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٤٢٦.
(٢) فرائد الأصول : ج ٤ / ١١.
(٣) قال المحقق المدقق الإصفهاني قدسسره :
« ربّما يتخيّل إنّ استحالة الاجتماع في المتضادين لأوّلهما إلى المتناقضين ؛ لأن لازم ثبوت كل منها عدم الآخر ، وإنّ اعتبار وحدة الموضوع فيهما ، لرجوعهما إلى المتناقضين ، المعتبر فيهما الوحدات الثمانية ، مدعيا تصحيح كلام الشيخ الأعظم قدسسره حيث اعتبر وحدة الموضوع ـ في المتعارضين ـ على وجه التضاد ( الرسائل : ص ٤٣١ ).
وهي غفلة واضحة ؛ فان المتقابلين المتنافيين بالذات لا ينحصر ان في خصوص السلب والايجاب ، بل التقابل بالذات : إما بالسلب والايجاب ، أو بالعدم والملكة ، أو بالتضاد ، أو بالتضائف. ولكل خاصية مخصوصة ووحدة الموضوع معتبرة في مطلق التقابل. بل وقع التصريح من أهل فنه باعتبار وحدة الموضوع ، أو المحل في المتضادين.
فتوهم عدم استحالته بالذات ـ كتوهم عدم اعتبار وحدة الموضوع الشامل للمحل فيه