أول اجتماعهما إلى اجتماع النّقيضين حقيقة ، فيصحّ من جهته القول باشتراط الوحدات الثّمانية الرّاجعة إلى وحدة الموضوع ولو بالعنوان التّقييدي في استحالة اجتماع الضّدين أيضا ، وإن كان القول باشتراط وحدة المحمول بالنّسبة إلى
__________________
فان جهة المنافاة منحصرة في وجوب كل منهما وعدمه ، أو إذا علمنا من الخارج بأن إحداهما واجبة ، والأخرى محرمة ، فان كلاّ من الدليلين ، الدالين على وجوبهما يدل على حرمة الآخر بالالتزام ؛ وجهة المنافاة بالتبع ـ وهي المنافاة بنحو التضاد ـ هي اللازمة مراعاتها بالجمع أو الترجيح ، أو التخيير ، فتدبر جيدا.
وأما التنافي من حيث الدليلية والحجية ، فتوضيح الحال فيه : إن الحجية في كل من الطرفين وصف ثبوتي ، فلا تنافي من حيث التناقض ، وستعلقهما ـ إذا كان فعلين متضادين بالذات أو بالعرض ـ متعدد ، فلا تنافي من حيث التضاد ، فكيف يتصور التنافي من حيث المناقضة ، أو المضادة في الدليلية والحجية.
والجواب : أما إذا كانت الحجية بمعنى جعل الحكم المماثل ، فالحكم المجعول في كل طرف ـ على طبق مدلوله المنافي لمدلول الآخر ـ بالمناقضة أو المضادة.
وأما إذا كانت بمعنى المنجزية والمعذرية ، ففي مورد قيام الخبرين على وجوب شيء وعدمه ، من حيث كونهما صفتين ـ قائمتين بالخبرين ـ غير متنافيتين بالذات بنحو التناقض ، ولا بنحو التضاد ، لكونهما ثبوتيين ، ولتعدد موضوعهما ، إلا أنه بلحاظ مضايفهما ـ وهو تنجز الحكم والمعذورية عنه ثبوتيان قائمان بحكم واحد ، متعلق بفعل واحد ـ متضادان.
وبلحاظ استحقاق العقاب ـ على الترك مثلا ، وعدم الاستحقاق عليه ـ متناقضان.
وفي مورد قيام الخبرين ـ على وجوب شيء وحرمته ـ وصفان متماثلان.
لكنه لتعدد موضوعهما غير داخلين فيما يمتنع اجتماعهما.
وبلحاظ تنجز الحكمين الواردين على موضوع واحد متنافيان بتنافي التضاد بالعرض.
كما أنه بلحاظ استحقاق العقاب على الفعل والترك متضادان بالعرض ، لأنه لازم تعلق الوجوب والحرمة بفعل واحد ، ولازم المحال محال إنتهى. أنظر نهاية الدراية : ج ٦ / ٢٧٢.