الإسلام وانسداد باب العلم التّفصيلي بها لم يجز التّمسك بشيء من أخبار التّرجيح والتّخيير فيكون الشّبهة بالنّسبة إلى كليهما من الشّبهة الموضوعيّة ، فلو تمّ التّمسك بدليل الانسداد لإثبات حجّيّة الظّن بها في أحد الخبرين فهو ، وإلاّ كان الظّن بها كالشّك في الحكم.
نعم ، يمكن أن يقال : فيما لم يكن هناك ظنّ أو كان ولم يقم دليل على حجّيّته يتعيّن الحكم بالتّخيير بعد العلم بعدم جواز الرّجوع إلى الأصل مطلقا من حيث العلم بوجود الحجّة والدّليل في المسألة وعدم المعيّن لأحد المتعارضين كما هو المفروض. والمفروض أنّ احتماله بل ظنّه لا يجدي من حيث كونه متعلّقا بالموضوع الخارجي ، فيتخيّر بين الخبرين كما يتخيّر بين الوجوب والتّحريم في المسألة الفرعيّة ، فليس هذا التّخيير مدلولا لأخبار التّخيير.
كما أنّه يمكن أن يقال في الصّورتين ـ فيما إذا كان احتمال وجود المرجّح في أحد الخبرين بخصوصه ـ : بالتّعيين من جهة دوران الحجّة الإجماليّة بينه على سبيل التّعيين وصاحبه تخييرا فيكون متيقّن الحجّيّة على كلّ تقدير وصاحبه مشكوك الحجّيّة ، إلاّ أنّه كما ترى ، لا تعلّق له بالتّمسك بأخبار التّرجيح.
كما أنّه لا تعلّق لما ذكرنا كلّه في المقام بكلام ثقة الإسلام ولا بكلام الأخباري ، بل ولا بكلام شيخنا العلاّمة عند التّأمّل ؛ لأنّ المستفاد من كلام ثقة الإسلام غير ما فهمه الأخباري وشيخنا العلاّمة. اللهمّ إلاّ أن يكون كلام شيخنا في مقام الاعتراض على الأخباري إغماضا عمّا أراده ثقة الإسلام قدسسره بزعمه قدسسره فتأمّل.