الأوّل : هو التّفريع على قواعدهم الباطلة وأصولهم السّخيفة ، فلا داعي لحمله على صورة تعارض الخبرين الّتي يأبى عنها الحديث جدّا ، مضافا إلى ما في العمل على ما يقتضيه التّعليل من التّكلّف الرّكيك. ومنه يظهر المراد من الحديث الثّاني أيضا ؛ فإنّ المراد من المشابهة فيه أيضا : هو التّفرع على الأصول المسلّمة المدلول عليها بالكتاب والأحاديث الصّادرة عن الأئمّة عليهمالسلام هذا.
مضافا إلى ما يتوجّه عليهما : من منع الدّلالة على الكلّيّة. اللهمّ إلاّ أن يكون الغرض من الاستدلال بهما مجرّد إناطة التّرجيح بالأبعديّة ؛ نظرا إلى دلالة لفظ المشابهة ولو بالنّسبة إلى المورد الخاصّ لا الكلّيّة فتأمّل.
نعم ، أخبار الباب لا تخلو عن الإيماء إلى إناطة التّرجيح بمطلق القرب والبعد سيّما بملاحظة اختلافها في بيان المرجّحات وتعدادها ؛ فإنّ أقرب الوجوه في محمل الاختلاف هو رجوعها بأسرها إلى بيان الصّغرى للكبرى المفروغ عنها وإعطاء القاعدة بالمثال على ما حكي عن المحدّث الجزائري (*) فتدبّر.
الخامس : قوله عليهالسلام في بعض الأخبار : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) (١) حيث إنّ المستفاد منه : أنّه عند الدّوران بين الأمرين سواء كانا الخبرين المتعارضين ، أو الاحتمالين يلزم الأخذ بما انتفى فيه الرّيب الموجود في صاحبه فينطبق على ما استفيد من تعليل تقديم المشهور على ما عرفت ، بل دلالته من
__________________
(*) المحدّث الجليل السيّد نعمة الله الجزائري قدسسره المتوفى سنة ١١١٢ ه.
(١) تفسير جوامع الجامع : ٥ ، والبحار : ج ٢ / ٢٥٩ الوسائل عن التفسير : ج ٢٧ / ١٦٧ باب « وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى » ـ ح ٤٣.