يخفى على أهل الخبرة.
فإن قلت : ما ذكرت من القاعدة من تقديم الأصل الجاري في السّبب على الأصل الجاري في المسبّب لا يتمّ على ما أنت عليه : من إنكار هذه القاعدة في بابها.
قلت : بناؤنا على معارضة الأصلين دون التّحكيم إنّما هو في الأصول التّعبّدية ، وأمّا الأصول الجارية في الألفاظ فهي طرق عقلائيّة أمضاها الشّارع وليست من الأصول الظّاهريّة التّعبديّة كأصالة الطّهارة مثلا. وقد نبّهنا في محلّه : على أنّه لا بدّ من إجراء قاعدة التّسبّب والعمل بالأصل الجاري في السّبب المسمّى بالمزيل في ألسنة المتقاربين لعصرنا في الأصول اللّفظيّة وما يجري مجراها من الأصول العقلائيّة المعتبرة طريقا إلى الواقع وتمام الكلام في محلّه هذا.
ولو تعارض الأصل اللّفظي مع الأصل المعمول في الجهة غير التّقيّة كأصالة عدم السّهو ، وعدم المزاح ، وعدم الإكراه ، وعدم الكناية ، وعدم التّعريض ، وعدم القصد والتّصوّر ، وأشباهها من الأصول الجارية في الألفاظ من غير أن يرجع إلى حقيقة أو مجاز في غير أدلّة الأحكام ، قدّم الأصل اللّفظي. فلو توقّف رفع التّناقض والتّنافي في كلام متكلّم على ارتكاب أحد الأمرين : إمّا التّخصيص ، أو حمل الخاصّ على المزاح مثلا ، تعيّن التّخصيص ؛ لأنّه أغلب وأظهر.
فإن قلت : مقتضى القاعدة التّوقف والإجمال ؛ لأنّ التّرجيح على خلاف الأصل ؛ إذ الأصل في الطّرق والأصول المتعارضة التّوقف دون الأخذ بالرّاجح