والقدر الخارج منه العمل بالأقوى والأرجح في أدلّة الأحكام دون غيرها.
قلت : الظّاهر أنّه لا إشكال بل لا خلاف : في أنّ تقديم النّص على الظّاهر ، أو تقديم الأظهر على الظّاهر في الأصول اللّفظيّة المتعارضة بعضها مع بعض الرّاجعة إلى تعارض الأحوال في كلام أو كلامين لا اختصاص له بأدلّة الأحكام ، والظّاهر : أنّ حكم تعارض بعض الأصول اللّفظيّة مع الأصل في جهات الكلام حكم تعارض الأصول اللّفظيّة بعضها مع بعض ، فكما ثبت التّرجيح ووجوب العمل بالأرجح هناك فكذلك هنا » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
ويتوجّه عليه :
أوّلا : النّقض بالمرجّح من حيث الصّدور ؛ فإنّه إذا فرض تسبّب الشّك في التّخصيص مع صلاحيّة الخاصّ له عن الشّك في صدوره وحكمنا بمقتضى دليل التّرجيح فيما كان الخاصّ مرجوحا كما هو المفروض بعدم صدوره ، فيرتفع الشّك بحكم الشّارع.
وثانيا : بالحلّ حيث إنّ مصبّ التّرجيح بالمرجّحات على ما أسمعناك مرارا فيما لم يمكن الجمع بين الدّليلين بصرف أحدهما عن ظاهره بحكم العرف حتّى يتحقّق هناك التّحيّر المحوج إلى السّؤال بلفظة « أي » فإذا كان الخاصّ نصّا بحسب الدّلالة ، أو أظهر فلا يتحقّق هناك تحيّر أصلا ، فلا يدخل الفرض في مورد الأخبار العلاجيّة لكي يجري فيه ما ذكره من « قاعدة التّسبّب » ، فأمارة التّقيّة إنّما تجدي فيما دار الأمر بين الحكم بصدور الموافق تقيّة أو المخالف لا فيما لم يكن هناك
__________________
(١) بدايع الأفكار : ٤٥٨.