فإن قلت : كما أنّ الحكم بمقتضى الإطلاق موقوف على نفي ما يصلح للتّقييد كذلك الحكم بالعموم موقوف على نفي التّخصيص ولو بالأصل ، ضرورة أنّ الوضع ليس علّة تامّة للظّهور وإنّما هو مقتض له ، فيتوقّف ظهور اللّفظ على نفي القرينة الصّارفة ، فكما أنّ الإطلاق يتوقّف على نفي التّقييد ولو بالأصل ، كذلك العموم يتوقّف على نفي المخصّص ولو بالأصل ، فظهور اللّفظ في المراد في كلّ منهما يتوقف على الإطلاق ، غاية ما هناك : كون عدم القيد جزءا للمقتضي على مذهب السّلطان وعدم التّخصيص معتبرا في ظهور العام من حيث عدم المانع وهذا المقدار لا يؤثّر في التّوقف قطعا.
فإذا أريد التّمسّك بالعموم فيما كان هناك مطلق لا يجامع إطلاقه مع إرادة العموم ، فلا بدّ من رفع إطلاقه فإذا استند إلى نفس العموم فيتوجّه عليه ـ لا محالة ـ : لزوم الدّور من حيث توقّف رفع الإطلاق على العموم المتوقّف على رفعه. وهذا معنى ما يقال : من تعاكس الدّور في المقام ، فلا بدّ من الحكم بكونهما في مرتبة واحدة ، فلا ترجيح للعموم على الإطلاق ولا للإطلاق ترجيح عليه.
قلت : ما ذكر من لزوم الدّور في جانب العكس توهّم فاسد ؛ فإنّ التمسّك بالعموم في الفرض لا يتوقّف على رفع الإطلاق ؛ حيث إنّه لا مقتضى لوجوده حتّى يتشبّث في رفعه إلى العموم ، لما عرفت : من كون التّمسّك به دوريّا كما هو الشّأن في التّمسّك بكلّ تعليقي في مقابل التّنجيزي ، فالإطلاق وإن كان من الظّواهر المعتبرة إلاّ أنّه بمنزلة الأصل بالنّسبة إلى العموم ، وهو بمنزلة الدّليل بالنّسبة إليه. هذا كلّه على ما اختاره سلطان العلماء في حقيقة المطلق.
وأمّا على ما ذهب إليه المعظم في حقيقته : من كون الانتشار والعموم البدلي