حكم العقل تابعة في حقّ القاصر لما يدلّ على ثبوتها ؛ فإنّه لا محيص بناء عليه عن الالتزام باجتماع الضّدّين ؛ فإنّ العلم والجهل وقيام الدّليل على الحكم وعدمه لا يوجب اختلافا في حقيقة الحكم ، فإن كانت الأحكام متضادّة ـ كما قضت به ضرورة العقل والوجدان كان التّضاد بين أنفسها من غير مدخليّة لقيام الدّليل عليها وعدمه ، وإنّما يؤثّران في أمر عقلي خارج عن حقيقة الحكم وإن سلّم عدم صدق عنوان التّكليف عليها قبل ثبوتها وقيام الدّليل عليها ؛ فإنّ الضّديّة تتبع المعنون لا العنوان وهو أمر ظاهر هذا.
وقد تقدّم ما يدفع به هذا الإشكال وما يزيّفه في الجزء الثّاني من التّعليقة ولم أقف إلى الآن على ما يدفع به هذا الإشكال (١).
نعم ، في كلام بعض أفاضل من عاصرناه من حاضري مجلس بحث شيخنا ابتناء الإشكال على القول بالامتناع في مسألة اجتماع الأمر والنّهي ، ودفعه ـ مع اضطراب كلامه في المقام كغيره ـ : بكون الحكم الظّاهري راجعا إلى الإخبار بالمعذوريّة ونفي العقاب.
وهو كما ترى ، في كمال الغرابة ؛ فإنّ الابتناء المذكور لا محصّل له أصلا ؛ حيث إنّ الاجتماع في المقام يرجع إلى الاجتماع الآمري لا المأموري كما هو ظاهر ، وجواز الاجتماع على القول به مبنيّ على الثّاني كما بيّن في محلّه ، فكيف يبتني الإشكال المذكور على القول بالامتناع؟
__________________
(١) أقول : لاحظ كلمة السيّد المجدّد الشيرازي في المقام فإنّها لا تخلو من فائدة على طولها وتفصيلها. أنظر تقريرات السيّد المجدّد الشيرازي : ج ٤ / ١٤٩ ـ فصاعدا.