وأمّا دفع الإشكال بإرجاع الحكم الظّاهري إلى الإخبار عن نفي المؤاخذة فهو أشدّ ضعفا ؛ إذ كيف يستقيم إرجاع القضايا الشّرعيّة الصّريحة في إنشاء الحكم الشّرعي كأخبار الاستصحاب والحلّيّة ونحوهما إلى القضيّة الخبريّة المذكورة؟ هذا.
مع أنّ الحكم الظّاهري قد يكون إلزاميّا والحكم الواقعي غير الإلزاميّ ، وقد يكونان متوافقين إلزاميّين أو غير إلزاميّين.
نعم ، يمكن الالتزام بذلك بالنّسبة إلى بعض أخبار البراءة أو حكم العقل بها ، مع أنّ هذا الوجه لا يستقيم بالنّسبة إلى الاحتياط والتّخيير ، فلا بدّ أن يلتزم فيهما :
بأنّ مرجعهما إلى الإخبار عن المؤاخذة على تقدير المصادفة والإخبار عنها على تقدير عدم الالتزام بأحد الحكمين هذا.
وإن شئت الوقوف على شرح فساد هذا الوجه وغيره فارجع إلى ما ذكرنا في الجزء الثّاني من التّعليقة فلا حاجة إلى إعادة الكلام وتطويل القول في المقام ، هذا بعض الكلام فيما يتعلّق بالتّقسيم الأوّل.
وقد اتّضح لك من مطاوي ما ذكرنا : المراد من كلّ من التّعارض والورود والحكومة والتّخصيص مفهوما ؛ فإنّ المراد من الأوّل : ما عرفت في أوّل عنوان المسألة ، ومن الثّاني : رفع موضوع أحد الدّليلين حقيقة بوجود الآخر ، ومن الثّالث : شرح أحد الدّليلين وتفسيره للآخر ، ومن الرّابع : قصر الحكم المستفاد من أحد الدّليلين الثّابت للموضوع العام على بعض أفراد موضوعه من غير أن يكون شارحا له وناظرا إليه ، وأمّا من حيث الخارج والمصداق فلا يقع الاشتباه في الورود أصلا ، إلاّ إذا فرض الشّك فيما أخذ في موضوع أحد الدّليلين شرعا أو عرفا.