وأمّا الحكومة فلها أمثلة واضحة غاية الوضوح ، وأمثلة خفيّة نظريّة بحيث يقع الاشتباه فيها كثيرا والميزان وإن كان ما ذكرنا ، إلاّ أنّه لا ينفع لرفع الاشتباه في جميع الموارد الشّخصيّة فلا مناص من إيكال التّشخيص والتّطبيق إلى نظر المستنبط ، فإن بقي الاشتباه فإن كان الدّوران بين ورود أحد الدّليلين وحكومته فلا ثمرة غالبا ؛ فإنّه يحكم بتقديمه ذاتا سواء كان من جهة الورود أو الحكومة. وإن كان بينهما والتّعارض أو بين أحدهما والتّعارض ولم يكن للمردّد أمره رجحان على صاحبه فإجراء حكم التّعارض عليه مشكل كما أنّ إجراء حكم الوارد أو الحاكم عليه أشكل.
اللهمّ إلاّ أن يقال : بوجوب الأخذ بالمردّد أمره من حيث كونه متيقّن الاعتبار على كلّ تقدير غاية ما هناك تردّد أمره بين الحجّيّة التّعيينيّة والتّخييريّة ، وهذا بخلاف الآخر ؛ فإنّه مشكوك الاعتبار فعلا من حيث احتمال كونه مورودا أو محكوما فافهم.
لكنّه كما ترى مبنيّ على كون حكم التّعادل ولو في غير الأخبار من المتعارضين ـ التّخيير ، كما ربّما يستظهر من بعض على ما ستقف عليه ، وإلاّ فلا دوران بين الحجّيّة التّعيينيّة والتّخييريّة فيبقى الإشكال على حاله فتدبّر.
ثمّ إنّ الورود على ما عرفت في بيان مفهومه لا يختصّ بالأدلّة اللّفظيّة ، وأمّا الحكومة فلا تجري في الأدلّة اللّبيّة ، بل لا بدّ من أن يكون كلّ من الحاكم والمحكوم دليلا لفظيّا على ما بيّنه في الكتاب في حقيقتها ، وعرفت منّا : أنّ تقديم الأمارات المعتبرة اللّبيّة الغير المنتهية إلى اللّفظ على الأصول ليس من باب الحكومة الاصطلاحيّة وإن كان في حكمها ، كما أنّ تقديم الاستصحاب في الشّك