فأقام بها معزّزا ، متفرّغا للمطالعة والتأليف.
وبلغ علاء الدين محمد زعيم الإسماعيلين نزول نصير الدين عند واليه ناصر الدين ، فطلبه منه ، فمضى به إليه في قلعة ( مبمون در ) ، فاحتفى به الزعيم الإسماعيلي ، واستبقاه لديه معزّزا مكرّما.
ولما ولي ركن الدين خورشاه الأمر بعد مقتل أبيه علاء الدين ظلّ الطوسي معه إلى حين استسلام ركن الدين لهولاكو.
وبحكم حنكة ودهاء نصير الدين ومقدراته العلمية ، قرّبه هولاكو وعظم محلّه عنده ، فكان يطيعه فيما يشير به عليه ، فحاول جهده أن يحفظ للإسلام تراثه وعلماءه ، وأن يدفع عنهما ـ ما استطاع ـ عادية المغول الذين عاثوا في بلاد المسلمين فسادا. ( فكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم ، وكان يبرّهم ويقضي أشغالهم ، ويحمي أوقافهم ) (١).
وابتنى بمراغة قبّة ورصدا عظيما (٢) ، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة للكتب ، احتوت على أربعمائة ألف مجلد ، فوفد إليها العلماء من النواحي ، حتى انّ ابن الفوطي صنّف في ذلك كتابا سمّاه « من صعد الرصد ».
وقد أخذ عن نصير الدين جماعة من العلماء ، منهم : السيد عبد الكريم بن
__________________
(١) الوافي بالوفيات : ١ / ١٨٢.
(٢) قال الدكتور مصطفى جواد البغدادي في مقدمته لكتاب « مجمع الآداب في معجم الألقاب » ص ٢٠ : أنشأ نصير الدين الطوسي دار العلم والحكمة والرصد بمراغة من مدن أذربيجان ، وهي أوّل مجمع علمي حقيقي « أكاديمية » في القرون الوسطى بالبلاد الشرقية ، فضلا عن الأفطار الغربية الجاهلة أيّامئذ.