وسأله القراءة عليه ، فقيل بشرط أن يكون ذلك مكتوما ، فقرأ عليه شيئا من الهيئة والهندسة.
ثم سار إلى دمشق ، ومنها إلى حلب في عهد السلطان مراد بن سليم العثماني ( المتوفّى ١٠٠٣ ه ) ، ولقي أكابر علماء المذاهب الأخرى ، وجرت له معهم مباحثات ومناظرات أذعنوا له فيها (١) ، فلما سمع بقدومه أهل جبل عامل تواردوا عليه أفواجا ، فخاف أن يظهر أمره ، فخرج من حلب ميمّما وجهه شطر بلاد إيران ، فقطن أصفهان ، فلما سمع به السلطان عباس الأوّل الصفوي أكرمه وأدناه ، وحلّ عنده بالمحلّ الرفيع.
وهناك شمّر عن ساعد الجدّ ، فبحث وصنّف ، وأفاد ودرّس في شتى الفنون ، وانثال عليه العلماء والمتعلمون ، لما امتاز به من غزارة في العلم ، وعمق في النظر ، وإنصاف في البحث ، وانفتاح على الرؤى والأفكار المختلفة ، ورفض للجمود والتقليد.
ولم يزل أمره في ارتفاع ، حتى انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره.
وقد تلمذ عليه وروى عنه سماعا وإجازة طائفة ، منهم : مراد بن علي خان التفريشي القمي ، وحسام الدين محمود بن درويش علي الحلي النجفي ، ومحمد بن علي العاملي التبنيني ، وعبد اللطيف بن علي بن أحمد الجامعي ، وعبد الوحيد بن نعمة الله الجيلاني ، والسيد محمد قاسم بن محمد الحسني الطباطبائي القهبائي ، وجواد بن سعد البغدادي الكاظمي ، ونجيب الدين علي بن محمد بن
__________________
(١) راجع خلاصة الأثر.