وفي بعضها قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل ، فقال : يا جبرئيل! إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط ، فقال لي : يا محمد! إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.
فهذه الأخبار كما ترى صريحة في جواز القراءة على الوجوه المختلفة ، وإن كلا من الأحرف السبعة من كلام الله المنزل ، وفي بعض الروايات تصريح بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كره المنع من القراءات المتعددة ، فجمع الناس على قراءة واحدة ، والمنع عما سواها رد صريح ومضادة لنص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وما قيل : من أن المراد بنزوله على سبعة أحرف اشتماله على سبعة معان ، كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي .. ونحو ذلك فالأخبار تدفعه ، لأنها ناطقة بأن السبعة الأحرف مما يختلف به اللفظ وليس الاختلاف فيها مقصورا على المعنى.
وكذا ما يقال من أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وضبطتها عنه الأئمة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها ، وإنما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترا ، وإن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى فهو مردود بأن من راجع السير وكتب القراءة علم أن مصحف عثمان لم يكن إلا حرفا واحد ، وأنه أبطل ما سوى ذلك الحرف ، ولذلك نقم عليه ابن مسعود وغيره ، وكان غرضه رفع الاختلاف وجمع الناس على أمر واحد واختيار هؤلاء السبعة من بين القراء ، والاقتصار على قراءتهم ، ورفض
__________________
ـ وأدرجت بقية الأقوال هناك ، فلاحظ.
أقول : وهي جملة روايات بمضامين متعددة جاءت من طرق العامة ، وهي مخالفة صريحا لما ورد عن بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم ، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر ٧ قال : إن القرآن واحد نزل من عند واحد ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة [ أصول الكافي ـ كتاب فضل القرآن ـ باب النوادر الرواية : ١٢ ]. وفي الرواية التي تليها في جواب الفضيل بن يسار حيث سأل أبا عبد الله ٧ قائلا : إن الناس يقولون : إن القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقال أبو عبد الله ٧ : كذبوا ـ أعداء الله ـ ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد .. وغيرها.