بالرواة عن السبعة أو العشرة أو فوقهما ما فعلوا بهؤلاء ، فاعتبروا قوما من الرواة وطرحوا أكثرهم.
وقد بسط الجزري في النشر (١) الكلام في ذلك ، قال بعد إيراد تشعب القراءات وكثرتها ما هذا لفظه ـ : بلغنا عن بعض من لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة ، أو أن الأحرف (٢) السبعة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه [ وآله ] هي قراءة هؤلاء السبعة ، بل غلب على كثير من الجهال أن القراءات الصحيحة هي التي في الشاطبية والتيسير ، وأنها (٣) هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه [ وآله ] : أنزل القرآن على سبعة أحرف، حتى أن بعضهم يطلق على ما لم يكن في هذين الكتابين أنه شاذ.
ثم قال (٤) : وإنما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، وسمعوا قراءات السبعة ، فظنوا أن هذه السبعة هي تلك المشار إليها ، ولذلك (٥) كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء وخطئوه في ذلك ، وقالوا : ألا أقتصر على دون هذا العدد أو زاده أو بين مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة؟ .. ثم نقل مثل هذا الكلام عن إمامه أبي العباس المهدوي.
أقول : فظهر أن تعدد تلك القراءات لا ينفع في القدح فيما فعله عثمان من المنع من غير قراءة زيد بن ثابت وجمع الناس عليها ، ثم لو تنزلنا عن هذا المقام وقلنا بجواز جمع الناس على قراءة واحدة فنقول : اختيار زيد بن ثابت على مثل عبد الله بن مسعود والمنع من قراءته وتعلم القرآن منه مخالفة صريحة لأمر الرسول
__________________
(١) النشر في القراءات العشر ١ ـ ٣٦.
(٢) لا توجد في ( س ) : الأحرف.
(٣) في ( س ) : إنما.
(٤) النشر ١ ـ ٣٦.
(٥) في ( ك ) : كذلك.