وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده ، قال : قام معاوية خطيبا بالشام ، فقال : أيها الناس! إنما أنا خازن فمن أعطيته فالله يعطيه ومن حرمته فالله يحرمه ، فقام إليه أبو ذر ، فقال : كذبت والله يا معاوية ، إنك لتعطي من حرم الله وتمنع من أعطى الله.
وذكر الثقفي ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال : قلت لمعاوية : أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن أحدنا فرعون هذه الأمة. فقال معاوية : أما أنا فلا (١).
وعنه ، عن عبد الملك ابن أخي أبي ذر ، قال : كتب معاوية إلى عثمان : إن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام وبغضك إليهم فما يستفتون غيره ، ولا يقضي بينهم إلا هو ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل أبا ذر على ناب صعبة وقتب (٢) ،
__________________
(١) قد أورد في العقد الفريد ٢ ـ ٢٢٣ [ وفي طبعة أخرى : ٢ ـ ٢٨٥ ] ومن كتاب أمير المؤمنين عليهالسلام إلى معاوية : أما بعد فو الله ما قتل ابن عمك غيرك ، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته.
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه ٤ ـ ٥٨ [ أربع مجلدات ] من كتاب ابن عباس إلى معاوية : وأما قولك : إني من الساعين على عثمان والخاذلين والسافكين دمه .. فأقسم بالله لأنت المتربص بقتله ، والمحب لهلاكه ، والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره ..
وذكر ابن مزاحم في كتاب صفين : ٢١٠ ، والطبري في تاريخه ٥ ـ ٢٤٣ ، وابن الأثير في الكامل ٣ ـ ١٢٣ ، وابن أبي الحديد في شرحه ١ ـ ٣٤٢ خطبة شبث بن ربعي معاوية : إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب .. وقد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنصر ، وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ...
وجاء جواب أبي أيوب الأنصاري لمعاوية : إن الذي تربص بعثمان وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت .. كما في الإمامة والسياسة ١ ـ ٩٣ [ وفي طبعة أخرى : ٨١ ] ، وشرح ابن أبي الحديد المعتزلي ٢ ـ ٢٨١.
ولعمري ، إن النكير على معاوية والكتب إليه من وجوه الصحابة وغيرهم أكثر وأكثر كلها تعرب عن علة خذلانه عثمان حيا ومطالبته بدمه ميتا ، وما ذكرناه ليس إلا قطرة من بحر ، راجع ما سرده العلامة الأميني في غديره ٩ ـ ١٤٩ ـ ١٥١ وغيرها.
(٢) قال في القاموس ١ ـ ١٣٥ : الناب : الناقة المسنة. وفيه ١ ـ ١١٤ : القتب : الإكاف ، وبالتحريك