( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ) (١) فما أتم حتى قال عثمان : بفيك التراب. فقال علي عليه السلام : بل بفيك التراب (٢).
وذكر الواقدي في تاريخه ، عن سعيد بن عطاء ، عن أبي مروان الأسلمي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما صد الناس عن الحج في سنة ثلاثين أظهر أبو ذر بالشام عيب عثمان ، فجعل كلما دخل المسجد أو خرج شتم عثمان وذكر منه خصالا كلها قبيحة ، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عثمان كتابا يذكر له ما يصنع أبو ذر. وذكر الواقدي ما تضمنه الكتاب حذفناه اختصارا.
فكتب إليه عثمان : أما بعد ، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت من أبي ذر جنيدب فابعث إلي به واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها (٣) ، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار حتى لا ينزل عن مركبه فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك. قال : فلما ورد الكتاب على معاوية حمله على شارف (٤) ليس عليه إلا قتب ، وبعث معه دليلا ، وأمر أن يغذ (٥) به السير حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه ، قال : فلقد أتانا آت ونحن في المسجد ضحوة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقيل (٦) : أبو ذر قد قدم المدينة ، فخرجت أعدوا (٧) فكنت أول من سبق إليه ، فإذا شيخ نحيف آدم طوال أبيض الرأس واللحية يمشي مشيا متقاربا ، فدنوت إليه ،
__________________
(١) الغافر : ٢٨.
(٢) وقريب منه ما جاء في رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الأسلميين ، كما في الأنساب ٥ ـ ٥٢ ، وشرح ابن أبي الحديد ١ ـ ٢٤١. وقال الأخير فيه : فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره وأجابه عليهالسلام بمثله. وستأتي له مصادر أكثر.
(٣) الوعر : ضد السهل ، كالوعر والواعر والوعير والأوعر ، كما في القاموس ٢ ـ ١٥٤.
(٤) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٣ ـ ١٥٧ : الشارف من النوق : المسنة الهرمة ، وسيأتيان في بيان المصنف رحمهالله.
(٥) أغذ السير ، وفيه : أسرع ، نص عليه في القاموس المحيط ١ ـ ٣٥٦.
(٦) في ( ك ) نسخة بدل : فقال.
(٧) في ( س ) : أغدو.