السلام مع علمهم برأيه في عثمان والتأليب عليه وتولي الصلاة وهو محصور بغير أمره ، واتخاذه مفاتح لبيوت الأموال ، واتخاذ قتلته أولياء خاصة أصفياء ، وإطباقهم على اختياره وقتالهم معه والدفاع عنه وعنهم ، واستفراغ الوسع في ذلك ، وعدم نكير من أحد من الصحابة أو التابعين يعتد بنكيره ، ثم اشتهر التدين بتكفير عثمان بعد قتله وكفر من تولاه من علي عليهالسلام وذريته وشيعته ووجوه الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا ، وحفظ عنهم التصريح بذلك بحيث لا يحتاج إلى ذكره ، غير أن في ذكره إيناسا للبعيد عن سماع العلم ، وتنبيها للغافل من سنة الجهل.
فمن ذلك ما رووه من طرقهم (١) ، أن عليا عليه السلام خطب الناس بعد قتل عثمان فذكر أشياء قد مضى بيانها ، من جملتها قوله عليه السلام : سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه وفرجه ، ويله! لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له ، شغل عن الجنة والنار أمامه.
ورووا عن علي بن خرور ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سأل رجل عليا عليه السلام عن عثمان ، فقال : وما سؤالك عن عثمان؟ إن لعثمان ثلاث كفرات ، وثلاث غدرات ، ومحل ثلاث لعنات ، وصاحب بليات ، لم يكن بقديم الإيمان ولا ثابت الهجرة ، وما زال النفاق في قلبه ، وهو الذي صد الناس يوم أحد .. الحديث طويل.
وذكر الثقفي في تاريخه ، عن عبد المؤمن عن (٢) رجل من عبد القيس ، قال : أتيت عليا عليه السلام في الرحبة ، فقلت : يا أمير المؤمنين! حدثنا عن عثمان؟. قال : أدن. فدنوت ، قال : ارفع صوتك. فرفعت صوتي ، قال : كان ذا ثلاث كفرات ، وثلاث غدرات ، وفعل ثلاث لعنات ، وصاحب بليات ، ما كان بقديم الإيمان ولا حديث النفاق ، يجزي بالحسنة السيئة .. في حديث طويل (٣).
__________________
(١) انظر لمزيد الاطلاع كتاب الغدير ٩ ـ ٦٩ ـ ٧٧.
(٢) لا توجد في ( س ) : عن.
(٣) هذا استمرار كلام أبي الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ( في الكلام ) من القسم الذي لم يطبع منه.