قال: ما سمعت من أبي قط شيئا في أمر عثمان تلومه فيه أو يعذره (١) ولا سألته عن شيء من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه ، فإنا عنده ليلة ونحن نتعشى إذ قيل : هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب. فقال : ائذنوا له. فدخل فأوسع له على فراشه ، وأصاب من العشاء معه ، فلما رفع قام من كان هناك وثبت أنا ، فحمد عثمان الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد يا خال! فإني جئتك (٢) أستعذرك من ابن أخيك علي شتمني وشهر أمري وقطع رحمي وطعن في ديني ، وإني أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب إن لكم حقا تزعمون أنكم (٣) غلبتم عليه فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم وأنا أقرب إليكم رحما منه؟ وما لمت منكم أحدا إلا عليا ، ولقد دعيت أن أبسط عليه فتركته لله والرحم ، وأنا أخاف أن لا يتركني (٤) فلا أتركه.
قال ابن عباس : فحمد أبي الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، يا ابن أختي فإن كنت لا تحمد عليا لنفسك فإني لا أحمدك (٥) لعلي ، وما علي وحده قال فيك ، بل غيره ، فلو أنك اتهمت نفسك للناس اتهم الناس أنفسهم لك ، ولو أنك نزلت مما رقيت وارتقوا مما نزلوا فأخذت منهم وأخذوا منك ما كان بذلك بأس.
قال عثمان : فذلك إليك يا خال وأنت بيني وبينهم. قال : فأذكر (٦) لهم ذلك عنك. قال : نعم ، وانصرف. فما لبثنا أن قيل : هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب. قال أبي ائذنوا له ، فدخل فقام قائما ولم يجلس وقال : لا تعجل يا خال حتى أوذنك ، فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالسا بالباب ينتظره حتى خرج فهو الذي فتأه (٧) عن رأيه الأول ، فأقبل علي أبي ، وقال : يا بني! ما إلى هذا من أمره
__________________
(١) في المصدرين : يلومه فيه ولا يعذره.
(٢) في المصدرين : فإني قد جئتك.
(٣) في ( س ) : لكم ، وفي الموفقيات : إن كان لكم حقا تزعمون أنكم.
(٤) في الموفقيات : أن يتركني.
(٥) في ( ك ) : لأحمدك.
(٦) في الموفقيات : أفأذكر.
(٧) في ( س ) : فشاءه ، كذا ، والظاهر : فشاه. وفي الموفقيات : ثناه ، وهو أولى.