من شيء. ثم قال : يا بني! املك عليك لسانك حتى ترى ما لا بد منه ، ثم رفع يديه ، فقال : اللهم اسبق بي (١) ما لا خير لي في إدراكه ، فما مرت جمعة حتى مات رحمه الله.
وعن الزبير بن بكار (٢) في الكتاب المذكور (٣) ـ ، عن ابن عباس ، قال : صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة (٤) المدينة وحده ، فأتيته إجلالا له وتوقيرا لمكانه ، فقال لي : هل رأيت عليا؟. فقلت : خلفته في المسجد ، فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله. قال : أما منزله فليس فيه ، فابغه لنا في المسجد ، فتوجهنا إلى المسجد وإذا علي عليه السلام يخرج منه ، قال ابن عباس : وقد كنت أمس ذلك اليوم عند علي عليه السلام فذكر عثمان وتجرمه عليه ، وقال : أما والله يا ابن عباس إن من دوائه لقطع كلامه وترك لقائه. فقلت له : يرحمك الله! كيف لك بهذا؟ فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع؟. قال : أعتل وأعتل (٥) فمن يقسرني؟. فقلت : لا أحد. قال ابن عباس : فلما تراءينا له وهو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت والطلب للانصراف ما استبان لعثمان ، فنظر إلي عثمان وقال : يا ابن عباس! أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا. فقلت : ولم حقك (٦) ألزم ، وهو بالفضل أعلم ، فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه ، فقال عثمان : إن تدخل فإياك أردنا ، وإن تمض فإياك طلبنا ، فقال علي عليه السلام : أي ذلك أحببت؟. قال : تدخل ، فدخلا ، وأخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها وجلس قبالتها ، فجلس عثمان إلى جانبه
__________________
(١) خط على : بي ، في ( ك ).
(٢) كما أورده ابن أبي الحديد في شرح النهج ٩ ـ ١٨ ، باختلاف يسير.
(٣) الموفقيات : ٦١٤ ـ ٦١٧.
(٤) في مطبوع البحار : أذقة ، وهو غلط.
(٥) في ( ك ) : فاعتل ، وهو الوارد في الموفقيات.
(٦) في الموفقيات : وحقك.