واحتمل وهو لا يعقل إلى بيت أم سلمة ، فأعظم الناس ذلك ، وبقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر والعصر والمغرب ، فلما أفاق قال : الحمد لله ، فقديما أوذيت في الله ، وأنا أحتسب ما أصابني في جنب الله ، بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة.
قال : وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة ، فأرسل إليها ، فقال : مما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر ، أخرجهم [ أخرجيهم ] (١) من عندك. فقالت : والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه ، فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيث شئت ، وهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يجود بنفسه من فعالك (٢) ، قال : فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير يسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له ، فأتياه فأبى عليهما ، فرجعا إليه فأخبراه ، فقال عثمان : من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع ، شنعتم علي ، وآليتم (٣) على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة ، فقال : إن أبا ذر مات بالربذة وحيدا ودفنه قوم سفر ، فاسترجع عثمان وقال : رحمه الله. فقال عمار : رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا. فقال له عثمان : وإنك لهناك بعد ما برأت (٤) أتراني ندمت على تسييري إياه؟!. قال له عمار : لا والله ، ما أظن ذاك. قال : وأنت أيضا فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا. قال عمار : أفعل ، فو الله (٥) لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك. قال : فتهيأ عمار للخروج وجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه
__________________
(١) في المصدر : أخرجيهم ، وجاءت نسخة على ( ك ) ، وهو الصحيح.
(٢) في المجالس زيادة : به.
(٣) في المصدر : وألبتم ، وهو الظاهر.
(٤) في المجالس محل : ما برأت ، يا عاض أير أبيه ، وهو مثل.
(٥) في المصدر : والله ـ بدون فاء ـ.