عمر دعانا إلى أن ينكح (١) أيمنا (٢) ويجدي (٣) منه عائلنا ، ويقضى منه عن غارمنا ، فأبينا إلا أن يسلمه إلينا ، وأبى ذلك فتركنا عليه.
وفي رواية أخرى له مثل أبي داود ، وفيه : وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم ، ويقضي عن غارمهم ، ويعطي فقيرهم ، وأبى أن يزيدهم على ذلك. انتهى.
وهي مع صحتها عندهم تدل على أن عمر منع ذوي القربى بعض حقهم الذي أعطاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويفهم منها أن (٤) هذا المنع إنما كان خوفا من قوة بني هاشم لو وصل إليهم ما فرض الله لهم من الخمس فيميل الناس إليهم رغبة في الدنيا فيمكنهم طلب الخلافة ، وقد كان خمس الخراج من سواد العراق وحده اثنين وثلاثين ألف ألف درهم في كل سنة على بعض الروايات سوى خمس خيبر وغيرها ، ولا ريب أن قيمة خمس تلك الأراضي أضعاف أضعاف هذا المبلغ ، وكذا خمس الغنائم المنقولة المأخوذة من الفرس وغيرهم مال خطير ، فلو أنهم لم يغصبوا هذا الحق بل أدوا إلى بني هاشم وسائر ذوي القربى حقهم لم يفتقر أحد منهم أبدا ، فوزر ما أصابهم من الفقر والمسكنة في أعناق أبي بكر وعمر وأتباعهما إلى يوم القيامة.
وأما الفرض ، فقد قال ابن أبي الحديد (٥) : روى ابن سعد في كتاب الطبقات (٦) : أن عمر خطب فقال : إن قوما يقولون : إن هذا المال حلال لعمر ،
__________________
(١) في المصدر زيادة : منه.
(٢) الأيم : العزب ، رجلا كان أو امرأة ، كما في المصباح المنير ١ ـ ٤٣. والأيم ـ في الأصل ـ التي لا زوج لها ، بكرا كانت أو ثيبا ، مطلقة كانت أو متوفى عنها ، كما في النهاية ١ ـ ٨٥ وغيرها.
(٣) جاءت الكلمة : يحذي ، في المصدر ، ويجزي في ( س ).
(٤) في ( س ) : على أن ـ بزيادة على ـ.
(٥) شرح نهج البلاغة ١٢ ـ ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٦) طبقات ابن سعد ٣ ـ ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، ضمن حديث بتصرف.