، ويعدانهم بالعطاء والإفضال ، وهما عند أنفسهما وعند الناس خليفتان بالقوة لا بالفعل ، لأن عمر نص عليهما وارتضاهما للخلافة ، وعمر كان متبع القول ، مرضي الفعال ، مطاعا نافذ (١) الحكم في حياته ومماته (٢) ، فلما قتل عثمان ، أرادها طلحة وحرص عليها ، فلو لا الأشتر وقوم معه من شجعان العرب جعلوها في علي (ع) لم تصل إليه أبدا ، فلما فاتت طلحة والزبير ، فتقا ذلك الفتق العظيم (٣) ، وأخرجا أم المؤمنين معهما ، وقصدا العراق وأثارا الفتنة ، وكان من حرب الجمل ما قد علم وعرف ، ثم كان حرب الجمل مقدمة وتمهيدا لحرب صفين ، فإن معاوية لم يكن ليفعل ما فعل لو لا طمعه بما جرى في البصرة ، ثم أوهم أهل الشام أن عليا (ع) قد فسق بمحاربة أم المؤمنين ، ومحاربة المسلمين ، وأنه قتل طلحة والزبير وهما من أهل الجنة ، ومن يقتل مؤمنا من أهل الجنة فهو من أهل النار ، فهل كان الفساد المتولد في صفين إلا فرعا للفساد الكائن يوم الجمل؟! ثم نشأ من فساد صفين وضلال معاوية كل ما جرى من الفساد والقبيح في أيام بني أمية ، ونشأت فتنة ابن الزبير فرعا من (٤) يوم الدار ، لأن عبد الله كان يقول : إن عثمان لما أيقن بالقتل نص علي بالخلافة ، ولي بذلك شهود ، منهم مروان بن الحكم ، أفلا ترى (٥) كيف تسلسلت هذه الأمور فرعا على أصل ، وغصنا من شجرة (٦) ، وجذوة من ضرام؟! وهكذا يدور بعضه (٧) على بعض وكله من الشورى في الستة. قال (٨) : وأعجب من ذلك قول عمر وقد قيل له : إنك استعملت
__________________
(١) الكلمة مشوشة في ( س ) ، وفي المصدر : موفق مؤيد مطاع نافذ.
(٢) في شرح النهج : وبعد وفاته.
(٣) في الشرح زيادة : على علي عليهالسلام.
(٤) زيادة : فروع ، جاءت في المصدر.
(٥) في ( ك ) نسخة بدل : أترى.
(٦) في ( س ) : شجر.
(٧) بعضهم ، جاءت في ( ك ).
(٨) في ( س ) : وقال.