سعيد (١) بن العاص ومعاوية وفلانا وفلانا من المؤلفة قلوبهم ومن الطلقاء وأبناء الطلقاء وتركت أن تستعمل عليا والعباس والزبير وطلحة؟! فقال : فأما علي فأتيه (٢) من ذلك ، وأما هؤلاء النفر من قريش ، فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد ، فيكثروا فيها الفساد ، فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك ، ويدعيه كل واحد منهم لنفسه ، كيف لم يخف من جعلهم ستة متساوين في الشورى ، مرشحين للخلافة؟! وهل شيء أقرب إلى الفساد من هذا (٣)؟! وقد رووا أن الرشيد رأى يوما محمدا وعبد الله ابنيه يلعبان ويضحكان ، فسر بذلك ، فلما غابا عن عينه بكى ، فقال له الفضل بن الربيع : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ، وهذا مقام جذل (٤) لا مقام حزن؟!. فقال : أما رأيت لعبهما ومودة بينهما؟ ، أما والله ليتبدلن ذلك بغضا وسيفا (٥) ، وليختلسن (٦) كل واحد منهما نفس صاحبه عن قريب ، فإن الملك عقيم ، وكان الرشيد قد (٧) عقد الأمر لهما على ترتيب ، هذا بعد هذا ، فكيف من لم يرتبوا في الخلافة ، بل جعلوا فيها كأسنان المشط؟! فقلت أنا لجعفر : هذا كله تحكيه عن محمد بن سليمان ، فما تقول أنت؟ ، فقال :
__________________
(١) في المصدر : استعلت يزيد بن أبي سفيان وسعيد ..
(٢) في شرح النهج : أما علي فأنبه.
(٣) خط على : من هذا ، في ( س ).
(٤) الجذل ـ بالتحريك ـ : الفرح ، كما في الصحاح ٤ ـ ١٦٥٤ ، والنهاية ١ ـ ٢٥١ ، ومجمع البحرين ٥ ـ ٣٣٧ ، والقاموس ٣ ـ ٣٤٧.
(٥) في المصدر : وشنفا. أقول : الشنف ـ بالتحريك ـ : البغض والتنكر ، وقد شنفت له ـ بالكسر أشنف شنفا .. أي أبغضه .. والشنف : المبغض. قاله في الصحاح ٤ ـ ١٣٨٣. وانظر : النهاية ٢ ـ ٥٠٥ ، والقاموس المحيط : ٣ ـ ١٦٠ وغيرهما.
(٦) قال الجوهري في الصحاح ٣ ـ ٩٢٣ : خلست الشيء واختلسته وتخلسته : إذا استلبته ، وأضاف ابن الأثير في نهايته ٢ ـ ٦١ : كونه عن غفلة. انظر : مجمع البحرين ٤ ـ ٦٦ ، والقاموس ٢ ـ ٢١١.
(٧) خط على : قد ، في ( س ).