وقدتها (١) وتهيجون جمرتها وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي وإطفاء أنوار الدين الجلي وإهمال سنن النبي الصفي تشربون حسوا في ارتغاء (٢) ـ وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء (٣) ويصير (٤) منكم على مثل حز المدى (٥) ووخز السنان في الحشا وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ( أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته.
أيها المسلمون أأغلب على إرثي (٦) يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت ( شَيْئاً فَرِيًّا ) أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (٧) وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٨) وقال ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (٩) وقال ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١٠) وقال ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (١١) وزعمتم أن لا حظوة (١٢) لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها أم هل تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي فدونكها مخطومة مرحولة (١٣) تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة ( يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ) ولا ينفعكم إذ تندمون ولِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ.
ثم رمت بطرفها (١٤) نحو الأنصار فقالت يا معشر النقيبة وأعضاد الملة (١٥) وحضنة
__________________
(١) أي : لهبها.
(٢) الحسو : هو الشرب شيئا فشيئا ، والارتغاء : هو شرب الرغوة وهي اللبن المشوب بالماء وحسوا في ارتغاء : مثل يضرب لمن يظهر شيئا ويريد غيره.
(٣) الخمر ـ بالفتح ـ : ما واراك من شجر وغيره ، والضراء بالفتح : الشجر الملتف بالوادي.
(٤) وفي بعض النسخ « يصبر ».
(٥) الحز : القطع ، والمدى : السكاكين.
(٦) في بعض النسخ « ارثه ».
(٧) النمل : ١٦.
(٨) مريم : ٦.
(٩) الأنفال : ٧٥.
(١٠) النساء : ١١.
(١١) البقرة : ١٨٠.
(١٢) الحظوة : المكانة.
(١٣) مخطومة : من الخطام ـ بالكسر ـ : وهو كل ما يدخل في أنف البعير ليقاد به والرحل ـ بالفتح ـ : هو للناقة كالسرج للفرس.
(١٤) في بعض النسخ « رنت ».
(١٥) النقيبة : الفتية.