قال الحسن بن محمد النوفلي فلما مضى ياسر التفت إلينا ثم قال لي يا نوفلي أنت عراقي ورقة العراقي غير غليظة فما عندك في جمع ابن عمي علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات؟
فقلت جعلت فداك يريد الامتحان ويحب أن يعرف ما عندك ولقد بنى على أساس غير وثيق البنيان وبئس والله ما بنى.
فقال لي وما بناؤه في هذا الباب؟
قلت إن أصحاب الكلام والبدع خلاف العلماء وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صحح وحدانيته وإن قلت إن محمدا صلىاللهعليهوآله رسول قالوا ثبت رسالته ـ ثم يباهتون الرجل وهو مبطل عليهم بحجته ويغالطونه حتى يترك قوله فاحذرهم جعلت فداك!
قال فتبسم ثم قال لي يا نوفلي أتخاف أن يقطعوا علي حجتي؟
قلت لا والله ما خفته عليك قط وإني لأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله.
فقال لي يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون؟ قلت نعم.
قال إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم وعلى الصابئين بعبرانيتهم وعلى الهرابذة بفارسيتهم وعلى أهل الروم بروميتهم وعلى أهل المقالات بلغاتهم فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته وترك مقالته ورجع إلى قولي علم المأمون أن الذي هو بسبيله ليس بمستحق له فعند ذلك تكون الندامة منه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلما أصبحنا أتانا الفضل بن سهل فقال له جعلت فداك إن ابن عمك ينتظرك اجتمع القوم فما رأيك في إتيانه؟
فقال له الرضا عليهالسلام تقدمني فإني سائر إلى ناحيتكم إن شاء الله ثم توضأ وضوء الصلاة وشرب شربة سويق وسقانا ثم خرج وخرجنا معه حتى دخل على المأمون وإذا المجلس غاص بأهله ـ ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين والقواد حضور.
فلما دخل الرضا عليهالسلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وجميع بني هاشم فما زالوا وقوفا والرضا عليهالسلام جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعة ثم التفت إلى الجاثليق فقال :
يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر وهو من ولد فاطمة بنت نبينا صلىاللهعليهوآله وابن علي بن أبي طالب عليهالسلام فأحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه.