قال فو الله ما قام مروان من مجلسه حتى غضب فانتفض وسقط رداؤه عن عاتقه.
احتجاجه عليهالسلام على أهل الكوفة بكربلاء
عن مصعب بن عبد الله (١).
لما استكف الناس بالحسين عليهالسلام ركب فرسه واستنصت الناس حمد الله وأثنى عليه ثم قال :
تبا لكم أيتها الجماعة وترحا وبؤسا لكم حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين فشحذتم علينا سيفا كان في أيدينا وحمشتم علينا نارا أضرمناها على عدوكم وعدونا فأصبحتم إلبا على أوليائكم ويدا على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم ولا ذنب كان منا إليكم ـ فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لما يستحصف ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبى وتهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها وضلة فبعدا وسحقا لطواغيت هذه الأمة وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب ومطفئي السنن ومؤاخي المستهزءين ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) وعصاة الإمام وملحقي العهرة بالنسب و ( لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ ).
أفهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون أجل والله خذل فيكم معروف نبتت عليه أصولكم واتزرت عليه عروقكم فكنتم أخبث ثمر شجر للناظر وأكلة للغاصب ( أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الناكثين الذين ينقضون ( الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) وقد جعلوا الله عليهم كفيلا.
ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة وهيهات له ذلك مني هيهات منا الذلة أبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طهرت وجدود طابت أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وكثرة العدو وخذلة الناصر ثم تمثل فقال :
فإن نهزم فهزامون قدما |
|
وإن نهزم فغير مهزمينا |
وما إن طبنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
فلو خلد الملوك إذا خلدنا |
|
ولو بقي الكرام إذا بقينا |
فقل للشامتين بنا أفيقوا |
|
سيلقى الشامتون كما لقينا |
و قيل إنه لما قتل أصحاب الحسين عليهالسلام وأقاربه وبقي فريدا ليس معه إلا ابنه علي زين العابدين عليهالسلام وابن آخر في الرضاع اسمه عبد الله فتقدم الحسين عليهالسلام إلى باب الخيمة فقال :
__________________
(١) مصعب بن عبد الله : من آل الزبير بن العوام مجهول الحال ذكره المامقاني في الجزء الثالث من رجاله ص ٢١٩.