فقال يا أمير المؤمنين ( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ )؟
فقال علي عليهالسلام نحن أصحاب الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ونحن الأعراف يوم القيامة بين الجنة والنار ولا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه وذلك بأن الله عز وجل لو شاء عرف للناس نفسه حتى يعرفوه وحده ويأتوه من بابه ولكنه جعلنا أبوابه وصراطه وبابه الذي يؤتى منه فقال فيمن عدل عن ولايتنا وفضل علينا غيرنا فإنهم ( عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ) (١).
وعن الأصبغ بن نباتة أيضا قال : أتى ابن الكواء أمير المؤمنين فقال :
والله إن في كتاب الله آية اشتدت على قلبي ـ ولقد شككت في ديني.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام ثكلتك أمك وعدمتك ما هي؟
قال قول الله تبارك وتعالى : ( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) (٢) فما هذا الصف؟ وما هذه الطيور؟ وما هذه الصلاة؟ وما هذا التسبيح؟
فقال علي عليهالسلام ويحك يا ابن الكواء إن الله خلق الملائكة على صور شتى ألا وإن لله ملكا في صورة ديك أبح أشهب براثنه في الأرضين السفلى وعرفه مثنى تحت عرش الرحمن له جناح بالمشرق من نار وجناح بالمغرب من ثلج فإذا حضر وقت كل صلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديكة في منازلكم فلا الذي من نار يذيب الثلج ولا الذي من الثلج يطفئ النار ثم ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد النبيين وأن وصيه خير الوصيين سبوح قدوس رب الملائكة والروح قال فتصفق الديكة بأجنحتها في منازلكم بنحو من قوله وهو قول الله تعالى ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) من الديكة في الأرض.
وعن الأصبغ بن نباتة أيضا قال : سأل ابن الكواء أمير المؤمنين عليهالسلام فقال أخبرني عن بصير بالليل وبصير بالنهار وعن أعمى بالليل وأعمى بالنهار وعن أعمى بالليل بصير بالنهار وعن أعمى بالنهار بصير بالليل؟
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام ويلك سل عما يعنيك ولا تسأل عما لا يعنيك ويلك أما بصير بالليل وبصير بالنهار فهو رجل آمن بالرسل والأوصياء الذين مضوا وبالكتب والنبيين وآمن بالله ونبيه محمد صلىاللهعليهوآله وأقر لي بالولاية فأبصر في ليله ونهاره.
وأما أعمى بالليل أعمى بالنهار فرجل جحد الأنبياء والأوصياء والكتب التي مضت وأدرك النبي فلم يؤمن به ولم يقر بولايتي فجحد الله عز وجل ونبيه صلىاللهعليهوآله فعمي بالليل وعمي بالنهار.
__________________
(١) المؤمنون ـ ٧٤.
(٢) النور ـ ٤١.