__________________
ـ زحف إلى عند أبي طالب ، فقال له عبد المطلب : يا أبا طالب إني قد عرفت ديانتك وأمانتك ، فكن له كما كنت له.
وروي : أنه قال له : يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به ، انظر كيف تحفظني فيه ، قال أبو طالب : يا أبه لا توصني بمحمد فانه ابني وابن أخي ، فلما توفي عبد المطلب ، كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه ، وعلى جميع أهله.
فلما بعث النبي صلىاللهعليهوآله وصدع بالأمر امتثالا لقوله تعالى ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) ونزل قوله تعالى : ( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) أجمعت قريش على خلافه فحدب عليه أبو طالب (عليهالسلام) ومنعه وقال :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتى أوسد بالتراب دفينا |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
وابشر بذاك وقر منك عيونا |
ودعوتني وزعمت أنك ناصح |
|
فلقد صدقت وكنت قبل أمينا |
وعرضت دينا قد عرفت بأنه |
|
من خير أديان البرية دينا |
وروي عن زين العابدين (عليهالسلام) : أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسول الله صلىاللهعليهوآله عنده فقالوا : نسألك من ابن أخيك النصف. قال : وما النصف منه؟ قالوا : يكف عنا ونكف عنه ، فلا يكلمنا ولا نكلمه ، ولا يقاتلنا ولا نقاتله ، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب ، وزرعت الشحناء ، وأنبتت البغضاء. فقال : يا ابن أخي أسمعت؟ قال : يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي ، وقبلوا نصيحتي ، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى دينه الحنيفية ملة إبراهيم ، فمن أجابني فله عند الله : الرضوان والخلود في الجنان ، ومن عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ، فقالوا : قل له : يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء ، فنزل : ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ) قالوا : إن كان صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ، ومن يكفر ، فان وجدناه صادقا آمنا به فنزل : ( ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ ) قالوا : والله لنشتمنك وإلهك فنزل : ( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ ) قالوا : قل له : فليعبد ما نعبد ، ونعبد ما يعبد ، فنزلت سورة الكافرين. فقالوا : قل له أرسله الله إلينا خاصة ، أم إلى الناس كافة؟ قال بل إلى الناس ارسلت كافة : إلى الأبيض والأسود ، ومن على رءوس الجبال ، ومن في لجج البحار ، ولأدعون ألسنة فارس والروم ، ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) فتجبرت قريش واستكبرت وقالت : والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا ، فنزلت ( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) وقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ* ) فقال المطعم بن عدي : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على أن يتخلصوا مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا.
فقال أبو طالب : والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت على خذلاني ، ومظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، فوثبت كل قبيلة على ما فيها من المسلمين يعذبونهم ، ويفتنونهم عن دينهم ، ويستهزءون بالنبي (صلىاللهعليهوآله) ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب منهم ، وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا تصنع ما تصنع في بني هاشم ، فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلىاللهعليهوآله والقيام دونه الا أبا لهب.
وله في الدفاع عن رسول الله صلىاللهعليهوآله مواقف شهيرة وشعر رواه الفريقان ، نذكر فيما يلي نموذجا منها :
منها : ما روي من أبا جهل بن هشام جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ساجد وبيده حجر يريد أن يرميه به ، فلما رفع يده لصق الحجر بكفه فلم يستطع ما أراد ، فقال أبو طالب :
أفيقوا بني غالب وانتهوا |
|
عن الغي من بعض ذا المنطق |
والا فاني إذن خائف |
|
بواثق في داركم تلتقي |
تكون لغيركم عبرة |
|
ورب المغارب والمشرق |
كما نال من لان من قبلكم |
|
ثمود وعاد وما ذا بقي |
غداة أتاهم بها صرصر |
|
وناقة ذي العرش قد تستقي |
فحل عليهم بها سخطه |
|
من الله في ضربة الأزرق |
غداة يعض بعرقوبها |
|
حساما من الهند ذا رونق |
وأعجب من ذاك في أمركم |
|
عجائب في الحجر الملصق |