واعلموا والله الّذي ملك الملك وحده فبان به وكان أهله ، لقد قاتل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ يقول : صدق الله ورسولهُ ، ومعاوية وأبو سفيان يقولان : كذب الله ورسوله.
فما معاوية في هذه بأبّر ولا أتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في تلكم ، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصبر ، والله إنّكم لعلى الحقّ وإنّ القوم لعلى الباطل ، فلا يكوننّ أولى بالجدّ في باطلهم منكم في حقكم ، أما والله إنّا لنعلم أنّ الله سيعذّبهم بأيديكم وبأيدي غيركم.
اللّهمّ ربّنا أعنّا ولا تخذلنا ، وانصرنا على عدوّنا ، ولا تَخلُّ عنا ، وافتح بيننا وبين قومنا بالحقّ ، وأنت خير الفاتحين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم » (١).
ثمّ جرت منازلة ميدانية واشتد القتال فيها ، فقد قال ابن اعثم الكوفي : « خرج عمرو بن العاص في خيل عظيمة ، فأخرج إليه عليّ (رضي الله عنه) عبد الله بن عباس في خيل مثلها ، فانصرفوا عن قتلى وجرحى » (٢).
قال نصر في كتابه وقعة صفين : « فلمّا أن كان اليوم الخامس ـ من شهر صفر ـ خرج عبد الله بن العباس ، والوليد بن عقبة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ، ودنا ابن عباس من الوليد بن عقبة ، فأخذ الوليد يسبّ بني عبد المطلب وأخذ يقول : يابن عباس قطعتم أرحامكم ، وقتلتم إمامكم ، فكيف رأيتم صنع الله بكم ، لم تعطوا ما طلبتم ، ولم تدركوا ما أمّلتم ، والله ـ إن شاء الله ـ مهلككم وناصرنا عليكم.
____________
(١) نفس المصدر / ٣٥٩.
(٢) كتاب الفتوح ٣ / ٣٠.