ونعود إلى ابن عباس فلا نجد طروّ تبديل على مركزه القيادي منذ بدء الحرب حتى نهايتها ، محافظاً على السلامة الفكرية عند قواد أجناده ، ورفع المعنويات القتالية عند الأفراد ، ولم يذكر مؤرخو الأحداث انّ الميسرة أصابها ما أصاب الميمنة من تضعضع وحتى انكشاف بدت آثاره السيئة على القلب ، حتى قالوا انّ الإمام انحاز إلى الميسرة فاستقلت ربيعة في حمايته وتحالفت على الموت دونه ، وكان خطيبهم يقول لهم يا معشر ربيعة لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إن أصيب أمير المؤمنين وهو فيكم.
وما رجعت الميمنة إلى مراكزها وانتظمت صفوفها إلاّ بعد أن اعترضهم الإمام وأرسل إليهم الأشتر فثابوا وتابوا ، والميسرة مستمرة في قتالها ، وقد ذكر نصر مشاهد قتالية دلت على بطولات نادرة ، ومع ذلك فقد ذكر ريبة ناسٍ في أحد رؤوس الأخماس وذلك هو خالد بن المعمر السدوسي ، واتهموه بأنّه كاتب معاوية وخافوا خيانته وهذا من ربيعة البصرة الذين جاؤا مع ابن عباس فأتوا الإمام وأخبروه بخشيتهم ، واتخذ الإمام الإجراء المناسب والحيطة ، ولم يذكر عن قبائل ربيعة أيّ شائبة في صدق القتال وبذل النصيحة ، وما ذلك إلاّ بفضل القيادة الحكيمة الّتي كانت تحت إمرة ابن عباس.
لم نجد ابن عباس يباشر الحرب بنفسه إلاّ في أيام معلومات ، وهذا يفرض سؤالاً وجيهاً لماذا لم يباشر الحرب؟ مع أنّه بحكم مركزه القيادي يجب أن يكون مع المقاتلين في كلّ حملة فضلاً عن المبارزة الانفرادية.