تكاد المصادر الحديثية والتاريخية المعنية ، تتفق على أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لعن معاوية وأشياعه ، وصار لعنه حجة في جواز لعن المحاربين ، ولابدّ لي في المقام من إلمامة عابرة جواباً لنابتة حائرة.
فأقول : قال نصر بن مزاحم : « وكان عليّ (عليه السلام) إذا صلّى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يقول : اللّهمّ العن معاوية وعمراً وأبا موسى وحبيب بن مسلمة والضحاك ابن قيس والوليد بن عقبة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد » (١). فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت لعن عليّاً وابن عباس وقيس بن سعد والحسن والحسين.
وفي تواريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير وأبي الفداء وغيرهم تفاوت في ذكر الأشخاص الملعونين وأوقات اللعن كمّاً وكيفاً ، حتى ذكرت بعض المصادر : الأشتر ومحمّد بن الحنفية ، وعبد الله بن جعفر ، وشريح بن هانئ فيمن كان معاوية يلعنهم (٢).
ومهما كان الإختلاف في الكمّ والكيف فذلك لا يغيّر من جوهر القضية ، فإنّ الإمام (عليه السلام) كان يلعن أولئك النفر ، ولعل تفاوت صيغ اللعن كان من الرواة ، أو أنّ الإمام (عليه السلام) نفسه كان يلعن كذلك في آنات مختلفة.
فقد روى ابن أبي شيبة بسنده عن عبد الرحمن بن مغفل قال : « صليت مع عليّ صلاة الغداة قال : فقنت فقال في قنوته : اللّهمّ عليك بمعاوية وأشياعه ، وعمرو بن العاص وأشياعه ، وأبا الأعور السلمي وأشياعه ، وعبد الله بن قيس وأشياعه » (٣). وعبد
____________
(١) وقعة صفين / ٦٣٦.
(٢) راجع تذكرة الخواص / ٥٩ ط حجرية ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٢٠٠.
(٣) المصنف ٢ / ١٠٨ ط مكتبة الرشيد في الرياض سنة ١٤٠٩.