روى نصر بسنده عمن سمع عمرو بن العاص قبل الوقعة العظمى بصفين وهو يحرّض أصحابه بصفين : « فقام محنيّاً على قوس ، فقال ـ ثمّ ذكر الخطبة وجاء في آخرها : مع أنّ القوم ـ ويعني أهل العراق ـ قد وطِئوا بلادكم وبغوا عليكم ، فجدّوا في قتال عدوكم ، واستعينوا بالله ربكم ، وحافظوا على حُرماتكم » (١).
وقال نصر : « ثمّ إنّه جلس فقام عبد الله بن العباس خطيباً فقال :
الحمد لله رب العالمين ، الّذي دحا تحتنا سبعاً ، وسمك فوقنا سبعاً ، ثمّ خلق فيما بينهنّ خلقاً وأنزل لنا منهنّ رزقاً ، ثمّ جعل كلّ شيء يبلى ويفنى غير وجهه الحي القيوم الّذي يحيا ويبقى.
ثمّ إنّ الله بعث أنبياء ورسلا فجعلهم حججاً على عباده ، عُذراً أو نُذراً ، لا يطاع إلاّ بعلمه وإذنه ، يمنّ بالطاعة على من يشاء من عباده ثمّ يثيب عليها ، ويعصى بعلم منه فيعفو ويغفر بحلمه ، لا يقدر قدره ، ولا يبلغ شيء مكانه ، أحصى كلّ شيء عدداً ، وأحاط بكل شيء علماً.
ثمّ إني أشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إمام الهدى والنبيّ المصطفى ، وقد ساقنا قدر الله إلى ما قد ترون ، حتى كان فيما اضطرب من حبل هذه الأمة ، وانتشر من أمرها ، أنّ ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعواناً على عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله وصهره ، وأول ذكرٍ صلّى معه ، بدري قد شهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كلّ مشاهده الّتي فيها الفضل ، ومعاوية وأبو سفيان مشركان يعبدان الأصنام.
____________
(١) نفس المصدر / ٣٥٨.