قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (١) ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢) ، وقال تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٣) ، إلى غير ذلك من آي القرآن المجيد. مضافاً إلى أحاديث الرسول الكريم وبياناته القولية والعملية في تعيين الإمام والخليفة من بعده.
موقف ابن عباس من الصلح :
مع المسيرة المتأنية بين نصوص السير والأخبار التاريخية في فترة خلافة الإمام الحسن (عليه السلام) ، والّتي استدام حكمه فيها طيلة ستة أشهر قبل وقوع الصلح ، نجد أنفسنا كقرّاء واعين ، أو باحثين متتبعين ، لم تخطئنا العين المدققة ، إدراك الأسباب الّتي حملت الإمام الحسن (عليه السلام) على الصلح والمسالمة ، كما لم تخطئ العين معرفة الراضين من أصحابه بذلك ومعرفة الساخطين. مع أنّه (عليه السلام) في منظورهم جميعاً كان هو الإمام الّذي تجب طاعته سواء حارب أو سالم ، كما أنّه (عليه السلام) في منظور هؤلاء وهؤلاء بل ومنظور الأمة الّتي بايعته وخرجت معه لحرب معاوية ، كان القائد العسكري المحنّك ، الّذي يجب إتباعه عند خوض المعركة ، بعد أن كان قد خطط لها التخطيط السليم الدقيق. أو عدم خوضها ما دامت النتيجة محكومة بالفشل سلفاً. كما حدث فعلاً ذلك عند مباغتة عنصر
____________
(١) الأحزاب / ٣٦.
(٢) المائدة / ٩٢.
(٣) المائدة / ٥٩.