المفاجأة في تسلّل الأشراف إلى معاوية! كما مرت الإشارة إلى ذلك ، ثمّ مكاشفة الباقين في هزال ولائهم! كما وقد مرّ الدليل على ذلك ، ومن قبل ومن بعد ونشاط الإعلام المعادي المعاوي في خلخلة المعنويات المهزوزة! وقرأنا بعض الشواهد عليه فماذا كان يجب أن يكون الموقف من أولئك الراضين وأولئك الساخطين؟ غير التسليم ، أليس فيما تقدم ما يكفي لإمام معصوم عند من يدين له بالطاعة بالإمامة؟ وما يكفي له حتى عند من يراه قائداً عسكرياً فيجب عليه الطاعة أيضاً؟ فله إذن ومن حقه أن يتخذ ـ وهو الإمام وهو القائد ـ ما يمليه عليه الموقف المتأزم ، من قرار حرب أو سلم ، وبعد أن أصبح واضحاً عنده خسارة الحرب مهما بذل من جهد هو والمخلصون من شيعته ، وأن الشرّ قد دنا فتدلى ، وبانت النذُر في الشعارات الّتي أطلقها الخوارج الّذين كانوا في جيشه ، والبيانات الّتي تلقفها الرواة فحفلت بها السير ارادة القبض عليه وتسليمه إلى معاوية.
فهل بعد ذلك كلّه من فرصة لخوض حرب مع معاوية محكوم عليها سلفاً بالفشل؟ إذن لا بدّ من المسالمة حقناً للدماء وبقياً على الصفوة الباقية ، هكذا فقد تمّ الصلح على شروط ، لكن لم يف معاوية بواحد منها.
ولنعد إلى البصرة حيث كان ابن عباس لا يزال مقيماً بها وأميراً عليها. وعلى توابعها من بلاد فارس وكور الأهواز الخمس ومنها فساوداربجرد الّتي ورد ذكرها في وثيقة الصلح على أن يُحمل خراجها للإمام الحسن (عليه السلام) ، وسيأتي مزيد بيان عن ذلك.