أمّا عن موقفه من الصلح فلم أقف على ما يمكن الإستناد إليه ، إلاّ أنّ في دسائس معاوية الّتي طالت الكوفة والبصرة فدسّ إليها رجلين رجلاً من حمير إلى من الكوفة ورجلاً من بني القين إلى البصرة فدُلّ عليهما وقتلا. كما مرت الإشارة إلى ذلك وفوق هذا ما يشير إلى أنّ معاوية قد استطالت ذراعه فأراد أن يتناول بها زياد بن أبيه وهو عامل ابن عباس على فارس فكتب إليه يتهدّده فقام زياد خطيباً فقال : « العجب من ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق ، ورئيس الأحزاب كتب إليّ يتهددني وبيني وبينه ابنا عم رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ـ يعني ابن عباس والحسن بن عليّ ـ في تسعين ألفاً واضعي سيوفهم على عواتقهم لا ينثنون ، لئن خلص إلي الأمر ليجدني أحمز ضراباً بالسيف » (١).
قال الشعبي في حديثه : « فلم يزل زياد بفارس حتى صالح الحسن (عليه السلام) معاوية ، وقدم معاوية الكوفة فتحصّن زياد في القلعة الّتي يقال لها قلعة زياد » (٢).
ومن المتيقن أنّ زياداً لم يكن ليردّ على تهديد معاوية له من فراغ ، بل كانت بينه وبين معاوية حاميتان ـ الكوفة والبصرة ـ وفيها تسعون ألفاً ، واضعي سيوفهم على عواتقهم لا ينثنون. وانا أحسب أنّ ذلك من طفح الكيل عند زياد ، وإلا فأين هم في الدفاع عن إمامهم الحسن (عليه السلام) ، أوليس حامية الكوفة هي الّتي خانته وغدرت به وانتهبت رحله وسلبته حتى مطرفه؟ ولم تكتف بذلك حتى طعنته في فخذه ، أو ليس أشرافها الّذين كاتبوا معاوية ان شاء قبضوا على الحسن
____________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٩٧ ط الحسينية.
(٢) نفس المصدر.