١ ـ قال الذهبي : « روى أبو عبيد القاسم بن سلام عمّن حدثه عن أبي سنان العجمي قال قال ابن عباس لعليّ : ابعثني إلى معاوية فوالله لأفتلنّ له حبلاً لا ينقطع وسطه ، قال : لست من مكرك ومكره في شيء ، لا أعطيه إلاّ السيف ، حتى يغلب الحقُ الباطلَ.
فقال ابن عباس : أو غير هذا؟ قال : كيف؟ قال : لأنّه يطاع ولا يُعصى ، وأنت عن قليل تعصى ولا تطاع.
قال : فلمّا جعل أهل العراق يختلفون على عليّ (رضي الله عنه) قال : لله درّ ابن عباس إنّه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق » (١).
فهذا الخبر وإن اشتمل على جهالة في السند فلا يجوز الإعتماد عليه فيما انفرد ، لكن مرّ بنا ما يشبهه في أوّل خلافة الإمام وأحسب أنّ هذا هو ذاك حين قال لابن عباس : (دعني من هنيّاتك وهنيّّّات معاوية في شيء) ، كما ورد في حديث عند البلاذري (٢) قول الإمام في ابن عباس : (لله در ابن عباس إن كان لينظر إلى الغيب من ستر رقيق) ، والسند عنده ينتهي إلى محمّد بن السائب والشرقي بن القطامي ، قال : سمعنا الناس يتحدثون.
إذن فالخبر قد شاع وذاع حتى صار يتحدث الناس به ومهما يكن مدى صحته ، فالذي لا شك فيه أنّ ابن عباس كان مستشاراً أميناً عند الإمام ، وكان هو أيضاً مشيراً صادقا ، فلا غضاضة لو أختلفا في الرأي كلّ حسب نظره وتكليفه ،
____________
(١) تاريخ الإسلام ٢ / ١٦٧ط مكتبة القدسي.
(٢) أنساب الأشراف (ترجمة الإمام) ٢ / ٣٤٧ تح ـ المحمودي.