والغضب فإنّه طيرة الشيطان ، وإياك والهوى فإنّه يصدّك عن سبيل الله ، واعلم أنّ ما قرّبك من الله فهو مباعدك من النار ، وما باعدك من الله فمقرّبك من النار ، واذكر الله كثيراً ولا تكن من الغافلين » (١).
وقد روى ـ ومن قبل المفيد ـ ابن قتيبة في الإمامة والسياسة هذه الوصية بتفاوت في اللفظ يسير (٢) ، كما رواها من بعده الشريف الرضي في نهج البلاغة بعنوان : (ومن وصية له (عليه السلام) لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة) (٣) ، ويبدو من بعض نسخ النهج أنّ الوصية كانت تحريرية وليست شفاهاً لأنّ الشريف الرضي عنونها ومن كتاب له (عليه السلام) (٤) ، ورواها السيّد يحيى بن حمزة الزيدي المتوفى سنة ٧٤٩ في الطراز بتفاوت في اللفظ (٥).
لا أريد استعراض جميع جوانب حياة حبر الأمة في أيام امارته بالبصرة. فإنّها حياة أمير دامت إمارته قرابة خمس سنين ـ من شهر ج١ سنة ٣٦ إلى أن خرج من البصرة ـ وقد مرّت به ملابسات ومعاكسات ، وأحداث زادت وغر الصدور له وعليه ، ووسّعت الانقسام في الرأي بين ناصريه ومناوئيه. فما ظنّك بحياة أمير يتولى إمرة أناس فرّقتهم الفروق القبلية الظاهرة البيّنة ، وزادتهم فرقة الإحن فيما بينهم ـ وتلك إحدى مخلّفات الحرب بالأمس ـ وبينهم يعيش كثيرون
____________
(١) كتاب الجمل / ٢٠٧ ط الحيدرية سنة ١٣٦٨ هـ.
(٢) الإمامة والسياسة / ٧٦.
(٣) شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده ٣ / ١٤٩.
(٤) لاحظ مصادر نهج البلاغة ٣ / ٤٧٧.
(٥) الطراز عن وجوه الإعجاز ٢ / ٢٩٣ ط مصر.