حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء ألاّ يقرّوا على كظّة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من عفطة عنز).
قال ـ ابن عباس : وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه وتناول الكتاب. فقلت : يا أمير المؤمنين لو اطّردت مقالتك إلى حيث بلغت ، فقال : هيهات هيهات يا بن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت.
قال ابن عباس : فما أسفي على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ لم يبلغ به حيث أراد ».
قال ابن أبي الحديد بعد ذكره الخطبة : « حدثني شيخي أبو الخير مصدّق ابن شبيب الواسطي (١) في سنة ثلاث وستمائة قال : قرأت على الشيخ أبي محمّد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب (٢) هذه الخطبة فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع ـ يعني قول ابن عباس : ما أسفت الخ ـ قال لي : لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له : وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد؟ والله ما رجع عن الأولين ولا عن
____________
(١) بغدادي المولد والوفاة ، كان أعلم معاصريه بالعربية ، وعالم بعلوم الدين وله المام بالفلسفة والحساب والهندسة وقف كتبه على أهل العلم قبل وفاته ، توفي سنة ٥٦٧ هـ (أعيان الشيعة ٣٨ / ٩٤ وروضات الجنات ٥ / ٢٢ والأعلام للزركلي ٤ / ٦٧).
(٢) اللغوي النحوي الأديب المفسر الشاعر صاحب تاريخ مواليد ووفيات أهل بيت النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، كان من تلامذة الجواليقي وابن الشجري. وكان خطه في نهاية الحسن توفى ببغداد سنة ٥٦٧ ودفن بقرب قبر بشر الحافي) الكنى والألقاب ١ / ٢٧٢ ط الحيدرية سنة ١٣٧٦ هـ).