الحطيئة الشاعر في مجلس عمر وقد علا القوم بلسانه ونزل عنهم بسنّه فسأل عنه فقيل له هذا ابن عباس حبر الأمة ولسان قريش فأنشأ يمدحه بأبيات منها :
إنّي وجدت بيان المرء نافلة |
|
تُهدى له ووجدت العيّ كالصمم |
والمرء يبلى ويبقى الكلم سائرة |
|
وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم (١) |
وصدق وصف القائل فيه :
صموت إذا ما زين الصمت أهله |
|
وفتّاق أبكار الكلام المختّم |
وعن ماحوى القرآن من كلّ حكمة |
|
وسيطت له الآراء باللحم والدم (٢) |
نقرأ أحياناً في التاريخ أحداثاً لفّها الغموض الزماني بضبابية تكاد تخفي حقائقها ، وإذا دققنا النظر فيها ملاحظين البُعد الزماني والمكاني ، نجد ما حَدَث من تشويش إنّما هو من فعل المؤرخين ، حين يذكرون النصوص المختلفة وأحياناً متضادة ومتنافرة ، ثمّ لا يتحمّلون عناء معالجتها ، مكتفين بسياقها مسندة ـ كما فعل الطبري وابن اعثم ـ أو نسبتها إلى القيل ، وبذلك يحسبون أنهم رفعوا عن أنفسهم إصر التبعة ، غافلين عن حساب البُعد الزماني والمكاني في تكوين الحَدَث ، ومهما كان عذرهم ، فإنّ المشكلة الّتي تواجهنا فعلاً ، هي تحديد الفترة الّتي أقامها الإمام في الكوفة بدءاً من دخوله إليها في ١٢ رجب سنة ٣٦ إلى أن
____________
(١) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ / ٢٢٩ ط دار الكتب ، والإصابة ٢ / ٣٥٢ ، والاستيعاب بهامش الإصابة ٢ / ٣٤٦ ط مصطفى محمّد.
(٢) الروض الأنف للسهيلي ٢ / ٣١٣ ط مصر.